للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعنى الإجمالي:

هذه الشريعة الحكيمة جاءت لإحقاق الحق والعدل ودفع الشر والضر ولها النظم المستقيمة والأحكام العادلة للغايات الحميدة والمقاصد الشريفة، فتصرفاتها حسب المصلحة وفق الحكمة والسداد.

ولهذا فإنه لما كانت الشركة في العقارات يكثر ضررها ويمتد شررها وتشق القسمة فيها، أثبت الشارع الحكيم الشفعة للشريك.

بمعنى أنه إذا باع (١) أحد الشريكين (٢) نصيبه من العقار المشترك بينهما، فللشريك الذي لم يبع أخذ النصيب من المشترى بمثل ثمنه، دفعاً لضرره بالشراكة.

هذا الحق، ثابت للشريك ما لم يكن العقار المشترك قد قسم وعرفت حدوده وصرفت طرقه.

أما بعد معرفة الحدود وتميزها بين النصيبين، وبعد تصريف شوارعها وتشقيقها فلا شفعة، لزوال ضرر الشراكة والاختلاط الذي ثبت من أجله استحقاق انتزاع المبيع من المشترى.

ما يستفاد من الحديث:

١- هذا الحديث أصل في ثبوت الشفعة وهو مستند الإجماع عليها.

٢- صدر الحديث يشعر بثبوت الشفعة في المنقولات وسياقه يخصها بالعقار، ولكن يتبعها الشجر والبناء إذا كانا في الأرض.

٣- تكون الشفعة في العقار المشترك، الذي لم تميز حدوده، ولم تصرف طرقه، لضرر الشراكة التي تلحق الشريك الشفيع.

٤- إذا ميزت حدوده، وصرفت طرقه، فلا شفعة لزوال الضرر بالقسمة، وعدم الاختلاط.

٥- بهذا يعلم أنها لا تثبت للجار، لقيام الحدود وتمييزها.

ويأتي الكلام على الشفعة فيما فيه منفعة مشتركة بين الجارين إن شاء الله تعالى.

٦- استدل بعضهم بالحديث: على أن الشفعة لا تكون إلا في العقار الذي تمكن قسمته دون ما لا تمكن قسمته، أخذاً من قوله: " في كل ما لم يقسم " لأن الذي لا يقبل القسمة، لا يحتاج إلى نفيه. ويأتي الخلاف فيه إن شاء الله.

٧- تثبت الشفعة إزالةً لضرر الشريك، ولذا اختصت بالعقارات لطول مدة الشراكة فيها.


(١) عبرت بلفظ " باع " حيث الحديث ورد في البيع، وهو المشهور من مذهب الحنابلة، والوجه الثاني: يثبت بما انتقل بتصرف غير مالي، اختاره بعض الأصحاب وهو مذهب مالك والشافعي.
(٢) لا فرق بين شريك أو شركاء، وإذا كان الشفعاء أكثر من واحد، فالشفعة بينهم على قدر أملاكهم، فإن أسقط بعضهم شفعته أخذ باقي الشركاء كل الشقص أو تركه، لئلا يضر بالمشتري، فالشرع جاء لمحاربة الضرر عن الطرفين ا. هـ شارح

<<  <   >  >>