للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن الإنسان لا يدري ما مقامه في هذه الحياة؟ كما أن فيه امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولذا فإن ابن عمر رضي الله عنهما- بعد أن سمع هذه النصيحة النبوية- كان يتعاهد وصيته كل ليلة، امتثالا لأمر الشارع، وبيانا للحق، وتأهبا للنقلة إلى دار القرار.

ما يستفاد من الحديث:

١- مشروعية الوصية وعليها إجماع العلماء، وعمدة الإجماع، الكتاب والسنة

٢- أنها قسمان: أ- مستحب ب- وواجب.

فالمستحب، ما كان للتطوعات والقربات.

والواجب في الحقوق الواجبة، التي ليس بينة تثبتها بعد وفاته لأن " ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب ". وذكر ابن دقيق العيد أن هذا الحديث محمول على النوع الواجب.

٣- مشروعية المبادرة إليها، بيانا لها، وامتثالا لأمر الشارع فيها، واستعداداً للموت. وتبصُّراً بها وبمصرفها، قبل أن يشغله عنها شاغل.

٤- أن الكتابة المعروفة تكفى لإثبات الوصية والعمل بها، لأنه لم يذكر شهوداً لها.

والخط إذا عرف، بينة ووثيقة قوية.

٥- فضل ابن عمر رضي الله عنه، ومبادرته إلى فعل الخير، واتباع الشارع الحكيم.

٦- قال ابن دقيق العيد: والترخيص في الليلتين والثلاث دفع للحرج والعسر.

الحديث الثاني

عَنْ سَعْدِ بنِ أبي وَقاص رَضي الله عَنْهُ قَال جَاءَني رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُني- عَامَ حَجةِ الوَدَاع منْ وَجَع اشْتَد بي.

فَقُلْتُْ: يَا رسول الله، قَدْ بَلَغَ بي مِن الوَجَعِ مَا تَرى، وَأنَا ذو مال، وَلا يَرِثُني إلا ابنة، أفَأتَصَدق بثُلُثَي مالي؟

قَالَ: " لا " قلْتُ: فَالشطْرُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: " لا "

قُلْتُ: فَالثلُثُ؟.

قَالَ: " الثُّلُثُ " وَالثلثُ كَثِير. إنَكَ أنْ تَذَرَْ وَرَثَتَكَ أغْنِيَاءٍ خَير مِنْ أن تَترَكهُم عَالَةً يَتَكَففُونَ النَّاسَ، وَإنكَ لن تُنْفِقَ نَفَقَة تَبتَغِي بهَا وَجْهَ الله إلا أجرت بِهَا، حَتى مَا تَجْعَلُ في فيّ امْرَأتِكَ ".

قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رسول الله اخَلفُ بَعْدَ أصْحَابي؟

قَالَ: " إنَكَ لَئنْ تخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلا تَبْتَغِي بِهِ وجْهَ الله إلا ازْدَدتَ بِهِ درَجَة وَرفعَةً، وَلَعَلًكَ أن تُخَلَّفَ حتَى ينتَفِعَ

<<  <   >  >>