للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويكفى في تعلم أحكامه فهم الآيات الثلاث من سورة النساء، وحديث ابن عباس الآتي، فقد أحاطت بأمهات مسائله، ولم يخرج عنها إلا النادر.

ونورد هنا مقدمات تتعلق بهذا المقام، لتكمل الفائدة في هذا الكتاب، فيغني عن المطولات.

فللإرث أسباب ثلاثة:

الأول: النسب، وهي القرابة لقوله تعالى: {وَأولُو الأرحام بَعْضُهُمْ أولَى ببعض} .

الثاني: النكاح الصحيح لقوله: {وَلَكُم نِصْفُ مَا تَرَكَ أزوَاجُكُم} الآية.

الثالث: الولاء، لحديث ابن عمر مرفوعاً "الولاء لحمة كلحمة النسب".

وأما غير هذه الثلاثة، فلا تكون سبباً للإرث على المشهور عند العلماء. فمتى وجد شيء من هذه الثلاثة، حصل التوارث بين الطرفين، حتى في الولاء على الصحيح.

وللإرث موانع، إذا وجدت أو وجد شيء منها، امتنع الإرث، وإن وجد سببه، لأن الأشياء لا تتم إلا باجتماع شروطها وانتفاء موانعها.

وموانع الإرث ثلاثة:

الأول: القتل، فمن قتل مورثه، أو تسبب لقتله بغير حق، فلا يرثه، ولو بغير قصد، من باب (من تعجل شيئا قبل أوانه، عوقب بحرمانه) في حق العامد، ومن باب (سد الذرائع) في حق غيره، لحديث عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ليس للقاتل شيء " رواه مالك في الموطأ.

الثاني: الرق. فلا يرث العبد قريبه، لأنه لو ورث لكان لسيده. وكذلك المملوك، يورث لأنه لا يملك، إذ إن ماله لسيِّده.

الثالث: اختلاف الدين. ويأتي بيانه في حديث أسامة، إن شاء الله تعالى.

الحديث الأول

عَنْ عَبْدِ الله بن عَباس رضي الله عَنْهُمَا عَن الَّنبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلمَ قَالَ: " ألِحقُوا الفراَئِض بأهْلِهَا، فَمَا بَقِي فَلأوْلَى رَجُل ذَكَر".

وفي رواية: "اقسِمُوا المَالَ بَيْنَ أهْلِ الفَرَائِض عَلَى كِتَابِ الله، فَمَا تَرَكَت الفَرَائِضُ فَلأِوْلَى رَجُل ذَكَر (١) ".

المعنى الإجمالي:

يأمر النبي صلى الله عليه وسلم القائمين على قسمة تركة أن يوزعوها على مستحقيها بالقسمة العادلة الشرعية كما أراد الله تعالى.

فيعطى أصحاب الفروض المقدرة فروضهم في كتاب الله. وهى الثلثان، والثلث، والسدس، والنصف، والربع، والثمن.

فما بقى بعدها، فإنه يعطى إلى من هو أقرب إلى الميت من الرجال لأنهم الأصل في التعصيب. فيقدمون على ترتيب منازلهم وقربهم من الميت كما يأتي بيانهم قريبا- بعد بيان أصحاب الفروض، إن شاء الله تعالى.


(١) ذكر الذكر بعد الرجل للتأكيد ولإدخال الصبي ليزول الوهم.

<<  <   >  >>