للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَتلاهن عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وذكَّره ووعظه بأن عذاب الدنيا- وهو حَد القذف- أهون من عذاب الآخرة.

فأقسم أنه لم يكذب بِرَمْيهِ زوجه بالزنا.

ثم وعظ الزوجة كذلك وأخبرها أن عذاب الدنيا - وهو حدُّ الزنا بالرَّجم- أهون من عذاب الآخرة.

فأقسمت أيضا: إنه لمن الكاذبين.

حينئذ بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بما بدأ الله به، وهر الزوج، فشهد أربع شهادات بالله: إنه لمن الصادقين فيما رماها به، وفي الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

ثم ثنى بالمرأة، فشهدت أربع شهادات بالله، إنه لمن الكاذبين، والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين في دعواه. ثم فرق بينهما فرقة مؤبدة.

بما أن أحدهما كاذب، فقد عرض عليهما النبي صلى الله عليه وسلم التوبة.

فطلب الزوج صداقه، فقال: ليس لك صداق، فإن كنت صادقا في دعواك زناها، فالصداق بما استحللت من فرجها، فإن الوطء يقرر الصداق.

وإن كنت كاذبا عليها، فهو أبعد لك منها، إذ رميتها بهذا البهتان العظيم.

ما يؤخذ من الحديث:

١- بيان اللعان وصفته، وهو: أن من قذف زوجه بالزنا ولم يُقِم البينة، فعليه الحد، إلا أن يشهد على نفسه أربع مرات: إنه لمن الصادقين في دعواه. وفي الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين.

فإن نكلت الزوجة، أقيم عليها حَدُّ الزنا، وإن شهدت بالله أربع مرات: إنه لمن الكاذبين في رَمْيها بهذه الفاحشة، وفي الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، درَأتْ عنها حدَّ الزنا.

٢- إذا تم اللعان بينهما. بشروطه فُرِّق بينهما فراق مؤبَّدة. لا تحل له، ولو بعد أزواج.

٣- أن يوعظ كل من الزوجين عند إرادة اليمين، لعله يرجع إن كان كاذبا، وكذلك بعد تمام اللعان، تعرض عليهما التوبة، ليتوب فيما بينه وبين الله تعالى.

٤- خالف هذا الباب غيره من أبواب الفقه بمسائل.

منها: أنه لابد أن يقرن مع اليمين لفظ " الشهادة "، وفي الخامسة الدعاء على نفسه باللعنة من الزوج، ومن الزوجة، الدعاء على نفسها في الخامسة بالغضب.

ومنها: تكرير الأيمان.

ومنها: أن الأصل أن البينة على المدعى، واليمين على من أنكر، هنا طلبت الإيمان من المدعى والمنكر.

٥- البداءة بالرجل في التحليف، كما هو ترتيب الآيات.

<<  <   >  >>