للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمدبر لكل شيء.

فلو أن سليمان عليه السلام، استثنى في يمينه بمشيئة الله تعالى، لأدرك حاجته، ونال مطلوبه. ولكن الله قدر هذا، ليكون تشريعاً لخلقه، وعِظَة وعبرة للناس أجمعين.

ما يستفاد من الحديث:

١- أن الاستثناء في اليمين، وهو قول الحالف (إن شاء الله) نافع ومفيد جداً لتحقيق المطلوب، ونَيْلِ المرغوب، فاٍن مشيئة الله تعالى نافذة على كل شيء، وبركة ويمن.

٢- أن المستثنى لا يحنث في يمينه، إذا علقه على مشيئة الله تعالى.

٣- في هذا الحديث، عبرة وعظة وقعت لنبي من أنبياء الله تعالى، صمم في أمره بلا مشيئة الله، فلم يشفع له قربه من الله جلا وعلا أن يحقق طلبه إلا أن يذكره فلا ينساه، فكيف بمن هو دون الأنبياء رتبة ومنزلة؟! فسبحانك من مرب حكيم.

٤- أن عادات أنبياء الله وأوليائه، تكون بسبب نيا تهم الصالحة عبادات.

فهم يجامعون- مثلا- ليحصنوا فروجهم وأعينهم عن الحرام، وليحصنوا زوجاتهم أو ليرزقوا أولاداً صالحين، أو ليحصل كل هذا. فتكون العادة عبادة بسبب هذه النية الصالحة، والمقاصد السامية.

أما الغافلون فعباداتهم كعاداتهم. فهم يأتون المساجد للصلاة، جَرْياً على العادة المتبعة عند المسلمين، وليس لذكر الله في قلوبهم مقام. فإنا لله وإنا إليه راجعون.

٥- يُجْرِى الله تعالى ويُقدر مثل هذه الأمور على الكَمَلَةِ من عباده لِيرىَ الناس أن الأمر له وحده، وأنه المتفرد بالتدبير والتصريف، وأن ليس له مشارك في حكمه وأمره.

٦- قال ابن دقيق العيد: وقد يؤخذ من الحديث جواز الإخبار عن وقوع الشيء بناء على الظن، فإن هذا الإخبار من سليمان لم يكن عن وحي، وإلا لوجب أن يقع ما أخبر به.

الحديث الخامس

عَنْ عَبْدِ اللَه بْنِ مَسْعُودٍ رَضيَ الله عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمينِ صَبْرٍ، يَقتَطِعُ بها مال امرئٍ مسلم، هُوَ فِيها فاجر، لقي الله وٍهُوَ عَلَيْهِ غضبانُ " و َنَزَلَت {إنَّ الَذِيَنَ يَشتَرُونَ بِعَهْدِ الله وأيمانهم ثَمنا قلِيلا} إلى آخر الآية.

<<  <   >  >>