للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقْلَ الشرع غيرَ متواتر أو نَقْلَ صفته غير متواترة لم يحصل لنا علم بأن شرع الإسلام

غيرُ منسوخ، ولأن ذلك من الوقائع العظيمة التي يجب اشتهارها، فلا يكون نص

على النسخ وحينئذٍ لا يكون منسوخاً؛ لأن ذكر اللفظ الدال على الدوام [مع عدم الدوام] (١) تلبيسٌ، ولأنه يؤدي إلى عدم الوثوق بدوام الشرع (٢) ، وأما إن لم ينص على الدوام فهذا مطلق يكفي في العمل به مرة واحدة، وينقضي بذاته، فلا يحتاج للنسخ ويتعذَّر النسخ فيه (٣) .

الوجه الثاني (٤) : أنه ثبت بالتوراة قول موسى عليه السلام: تَمَسَّكُوا بالسبت أبداً، ما دامت السموات والأرض (٥) ، وهو متواتر، والتواتر حُجَّة.

والجواب عن الأول: أن نقول: اتفق المسلمون على أن الله تعالى شَرَع لموسىعليه السلام شَرْعه بلفظ الدوام، واختلفوا هل ذكر معه ما يدلُّ على أنه سيصير منسوخاً؟

فقال أبو الحُسَين (٦) : يجب ذلك في الجملة وإلا كان تلبيساً (٧) .

وقال جماهير أصحابنا وجماهير المعتزلة: لا يجب ذلك (٨) ، وقد تقدَّم البحث في ذلك في تأخير البيان عن وقت الخطاب (٩) .


(١) ساقط من س، ن.
(٢) في ن، س: ((الشرائع)) والمثبت أقرب؛ لأن الدوام لم يكتب لغير شرع الإسلام.
(٣) انظر: المحصول للرازي ٣ / ٢٩٨، نهاية الوصول للهندي ٦ / ٢٢٦٤.
(٤) من احتجاج منكري النسخ سمعاً.
(٥) انظر: العهد القديم (التوراة) ، سفر الخروج، الإصحاح: ٣١ الفقرتان: ١٦ - ١٧.
(٦) في س: ((أبو الحسن)) وهو خطأ؛ لأن المراد به أبو الحسين البصري وهو: محمد بن علي بن الطيب البصري، أحد أئمة المعتزلة، كان مليح العبارة، قوي الحجة والعارضة، والدفاع عن آراء المعتزلة. من شيوخه: القاضي عبد الجبار، من تآليفه: المعتمد (ط) ، تصفح الأدلة وغيرهما. ت ٤٣٦ هـ. انظر: شرح العيون للحاكم الجشيمي ص ٣٨٢، وفيات الأعيان ٤ / ٢٧١.
(٧) انظر: المعتمد ١ / ٣٧١ - ٣٧٢، وذكر الشيرازي هذا المذهب عن بعض الناس دون تسميتهم، انظر: التبصرة ص ٢٥٧.
(٨) وهو مذهب أكثر الأصوليين، ومن المعتزلة: أبو علي الجبائي وابنه أبو هاشم والقاضي عبد الجبار.
انظر في ذلك: المعتمد ١ / ٣١٥، إحكام الفصول ص ٣٠٣، المحصول للرازي ٣ / ٣٠٢، المسودة ص ١٧٨، كشف الأسرار للبخاري ٣ / ٢١٨.
(٩) ذكر المصنف مسألة: تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة في الفصل الخامس من الباب الثاني عشر ص (٢٨٢) من المطبوع. وذكر فيها ثلاثة مذاهب: الجواز للجمهور، المنع لجمهور المعتزلة، التفصيل لأبي الحسين البصري. وانظر: نفائس الأصول ٦ / ٢٤٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>