للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبو هاشم (١) وأكثر المتقدمين (٢) . لنا: أن نسخ الخبر يوجب عدم المطابقة (٣) وهو مُحَالٌ (٤) ،

فإذا تضمن الحُكْمَ جاز نسخه؛ لأنه مستعار له ونَسْخُ الحكم جائز كما لو (٥) عبَّر عنه بالأمر.

الشرح

قال " الإمام فخر الدين ": إن كان الخبر خبراً عما لا يجوز تغييره، كالخبر عن حَدَث العالم، فلا يتطرق (٦) إليه النسخ. وإن كان عما يجوز تغييره، وهو إما ماضٍ أو مستقبل، والمستقبل إما [وعدٌ أو وعيدٌ أو خبرٌ] (٧) عن حكم: كالخبر عن وجوب

الحج، فيجوز النسخ في الكل، ومنع أبو علي وأبو هاشم وأكثر المتقدمين الكل (٨) .

قال (٩) : لنا أنَّ الخبر إذا كان عن أمرٍ ماضٍ نحو: ((عمّرتُ نوحاً ألْفَ سَنَةٍ)) جاز أن يُبَيِّن مِنْ (١٠) بَعْدُ أنه ((ألف سنة إلا خمسين عاماً)) . وإن كان خبراً عن مستقبل

- كان وعداً أو وعيداً - فهو كقوله ((لأعاقبن الزاني أبداً)) فيجوز أن يُبَيِّن أنه أراد


(١) هو: أبو هاشم عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجُبَّائي، كان ذكياً، بصيراً، وإليه تنتسب طائفة البهشمية من المعتزلة، من تآليفه: كتاب في الاجتهاد، توفي سنة ٣٢١ هـ. انظر: طبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار ص ٣٠٤، وفيات الأعيان ٢ / ٣٣٥.
(٢) بقي مذهب رابع، وهو التفرقة بين الماضي والمستقبل، فمنع النسخ في الماضي؛ لأنه يكون تكذيباً، وأجازه في المستقبل؛ لجريانه مجرى الأمر والنهي، لأن الكذب يختص بالماضي، أما المستقبل فيُسمى خلف الوعد. انظر: نفائس الأصول ٦ / ٢٤٦٩، الإبهاج ٢ / ٢٤٣، البحر المحيط ٥ / ٢٤٥، إرشاد الفحول ٢ / ٨٩.
(٣) أي عدم مطابقة الخبر للمُخْبَر عنه، انظر: رفع النقاب القسم ٢ / ٤١١.
(٤) انظر: نفائس الأصول ٦ / ٢٤٧٠..
(٥) ساقطة في س.
(٦) في ن: ((يَطَّرَّق)) .
(٧) في ن: ((وعداً أو وعيداً أو خبراً)) ولست أعلم لها وجهاً، لأنها خبر للمبتدأ " المستقبل ". إلا أن نقدّر محذوفاً تقديره ((أن يكون..)) .
(٨) انظر: المحصول ٣ / ٣٢٥.
(٩) أي الفخر الرازي، انظر: المحصول له ٣ / ٣٢٦.
(١٠) ساقطة من ن.

<<  <  ج: ص:  >  >>