للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مقدمة كتابه: الأمنية في إدراك النية ص (٣) قال: ((أما بعد: فيقول الشيخ الفقيه الإمام شهاب الدين أحمد بن إدريس المالكي. . .)) ولا شك بأن عبارات الثناء التي سبقت اسمه ليست من عنده، بل من زيادة النسَّاخ.

(٤) أجمع كل من ترجم له بأنه ينتسب إلى المذهب المالكي، ولهذا جاءت ترجمته في كتب طبقات المالكية (١) دون طبقات المذاهب الأخرى.

هذه الدلائل كافية تماماً لإثبات مذهبه الفقهي، فلا حاجة لجلب النصوص والاستدلال على ما هو مشهور ثابت بالإجماع.

وبالرغم من كونه على المذهب المالكي لم يجْرِمنَّه شنآن قوم على ألاَّ يعدل مع المخالفين لمذهبه بل لم يظلّ متعصباً لمالكيته على حساب الحق الذي يدين به.

بل إنك تلمس في هذا الرجل المنصف محاربته السافرة للجامدين المتعصِّبين ولو كانوا من ذوي قرباه في المذهب. فعندما تعرَّض لما نقله عن " المدونة " من أن القائل لامرأته: أنت عليَّ حرام، أو أنت خَلِيَّة، أو وهبتك لأهلك، أنها تطلق منه بالثلاث، ولا تنفعه النية أنه أراد أقلّ من الثلاث (٢) ناقش هذه المسألة ولم يرضها، وقال:

((

فهذه الأحكام حينئذٍ بلا مستندٍ، والفتيا بغير مستند باطلةٌ إجماعاً، وحرامٌ على قائلها ومعتقدها - ثم قال - لكن أكثر الأصحاب وأهل العصر لا يساعدون على هذا وينكرونه. وأعتقد أن ما هم عليه خلاف إجماع الأئمة، وهذا الكلام واضحٌ لمن تأمَّله بعقل سليمٍ، وحُسْن نظرٍ سالمٍ من تعصبات المذاهب التي لا تليق بأخلاق المتقين لله

تعالى)) (٣) .

ولهذا لا غرو أن حرص القرافي رحمه الله في موسوعته الفقهية " الذخيرة " على بيان مذاهب الفقهاء عامةً والأئمة الثلاثة خاصةً بجانب مذهب الإمام مالك رحمه الله.


(١) كالديباج المذهب ص ١٢٨ - ١٣٠، شجرة النور الزكية ١/١٨٨ - ١٨٩، الفكر السامي للحجوي
٢ / ٢٧٣.
(٢) انظر: المدونة ٥ / ٣٩٣، ٣٩٧، وانظر: الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي ص ٢٢٢ وما بعدها.
(٣) انظر: الإحكام في تمييز الفتاوى من الأحكام ص ٢٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>