للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم الفَصْل فيما أجمعوا على الجَمْع فيه

ص: وعدمُ (١) الفَصْل (٢) فيما جمعوه فإن جميع ما خالفهم يكون خطأً لتعيُّن الحق في جهتهم.

الشرح

قال الإمام فخر الدين: ((إن قالوا لا يُفْصَل (٣) بين المسألتين لم يَجْز الفَصْلُ، وكذلك إن علم أن طريقة الحكم واحدة في المسألتين، وإن لم يكن كذلك فالحق جواز الفرق، وإلا كان من وافق الشافعي في مسألةٍ لدليلٍ يلزمه أن يوافقه في الكل. وإنما لم يَجُز الفصل؛ لأنهم صرحوا بعدمه فيكون عدمه هو الحق، والفصلُ باطلاً (٤) فيمتنع، ومثاله: ذوو الأرحام، اتفقوا على عدم الفصل بينهم، فمن ورَّث العَمَّة ورَّث الخالة بموجِب القرابة والرَّحِم، ومن لم يورِّث العمَّة لم يورِّث الخالة لضعف* القرابة


(١) وأما مثال ما يجوز فيه إحداث قول ثالث ـ لأنه لا يرفع ما اتفق عليه ـ فهو: اختلافهم في جواز أكل المذبوح بلا تسمية. قال بعضهم: يَحِلُّ مطلقاً سواء كان الترك عمداً أم سهواً وهو مذهب الشافعية. وقال آخرون: لا يَحِلُّ مطلقاً وهو مذهب ابن حزم. فإحداث قولٍ ثالثٍ وهو التفريق بين العمد فلا تَحِلُّ والسهو فتحِلُّ لا يكون خرقاً للإجماع، وبه قال الأحناف والمالكية والحنابلة، انظر: المحلى لابن حزم ٧/٤١٢، الحاوي الكبير للماوردي ١٥/١٠، ٩٥، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيعلي ٥/٢٨٨، الذخيرة للقرافي ٤/١٣٤، الروض المربع للبهوتي ص٤٨٠.
() العطف هنا معناه: أن قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تجتمع أمتي على خطأ)) الذي ذكره المصنف في المتن قبل السابق يدل على عدم الفصل فيما جمعوه. أما صورة المسألة وشرحها فسيأتي في الشرح. أما الأقوال فيها فهي ثلاثة: الجواز مطلقاً، والمنع مطلقا، والتفصيل بين أن يُصرِّحوا بعدم الفصل في المسألتين أو تكون العلة في القولين واحدة، فلا يجوز الفصل حينئذٍ وإلا جاز. انظر: العدة لأبي يعلى ٤/١١١٦، إحكام الفصول ص٤٩٩، شرح اللمع للشيرازي ٢/٧٣٠ التمهيد لأبي الخطاب ٣/٣١٤، الوصول لابن برهان ٢/١١٠، بذل النظر للأسمندي ص٥٥٩، نهاية الوصول للهندي ٦/٢٥٣٤، التوضيح لحلولو ص٢٨١.
(٢) في ق: ((التفصيل)) .
(٣) في ق: ((لا فصل)) .
(٤) في ن: ((باطل)) وهو صحيح إذا كانت الواو للاستئناف في قوله: ((والفصل باطل ... )) والمثبت ((باطلاً)) باعتبار أن الواو للعطف لكونها خبر ((فيكون)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>