للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدارك الظنية (١) .

حجة أبي علي (٢) : أن الحاكم يُتْبِعُ أحكامَه ما يَطَّلع عليه من أمور رعيته (٣) ، فربَّما علم في حقهم ما يقتضي عدم سماع دعواه (٤) لأمر باطن يعلمه، وظاهر الحال يقتضي (٥) أنه (٦) مخالفٌ للإجماع، وكذلك في تحليفه وإقراره، وغير ذلك مما انعقد الإجماع على قبوله (٧) ، وأما المفتي فإنما يفتي بناءً على المدارك الشرعية، وهي معلومة عند غيره، فإذا رآه خالفها نبَّهه، وأما أمور الرعية (٨) وخواص أحوالهم فلا يَطّلع عليها إلا من ولي عليهم، فتلجئه الضرورة للكشف عنهم، فلا يشاركه غيره في ذلك، فلا يحسن الإنكار عليه، ثم إنه قد يرى المذهب المرجوح في حق غير هذا الخصم هو


(١) وقال السخاوي: ((اشتهر بين الأصوليين والفقهاء ... ولا وجود له في كتب الحديث المشهورة، ولا الأجزاء المنثورة)) المقاصد الحسنة ص (١١٧) .
ولكن هذا القول صحيح المعنى يشهد له حديث أم سلمة رضي الله عنها ترفعه ((إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعضٍ، فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار)) رواه البخاري (٦٩٦٧) ومسلم (١٧١٣) وترجم له النسائي (٥٤١٦) باب الحكم بالظاهر. كما يشهد له حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفاً عليه ((أن ناساً كانوا يُؤْخذون بالوحي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن الوحي قد انقطع، وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن أظهر خيراً أَمِنَّاه وقرَّبناه وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسب سريرته، ومن أظهر لنا سوءاً لم نَأْمَنه ولم نصدّقه وإن قال: إنَّ سريرته حسنة)) رواه البخاري (٢٦٤١) .
(
) ليس سياق حجة أبي هاشم هكذا كما وردت في كتب المعتزلة، بل حجته هي: أن الإجماع إنما ثبت من طريق القول أو الفعل أو الرضا به والاعتقاد له، فإذا ظهر من بعض الصحابة في الحادثة قول مخصوص، وظهر من الباقين السكوت عنه، لم يحصل فيه إجماع لا من طريق القول ولا الفعل ولا الرضا، لأن السكوت لا يعلم بمجرده الرضا. وأما أنه حجة لأن التابعين ومن بعدهم أجمعوا على الاحتجاج به، والمنع من مخالفته كالمنع من إحداث قول ثالث إذا اختلفوا على قولين. انظر: المغني المجلد (١٧) قسم " الشرعيات " للقاضي عبد الجبار ص٢٣٧، شرح العمد ١/٢٥١، المعتمد ٢/٦٧
(٢) أي: ابن أبي هريرة.
(٣) في ن: ((عايبته)) ، ولست أعلم لها وجهاً.
(٤) دعواه: أي دعوى الخصم.
(٥) ساقطة من س.
(٦) أي: أن حكم الحاكم.
(٧) أي: قبول حكم الحاكم، لأن حكمه يرفع الخلاف والنزاع.
(٨) في ن: ((الدعية)) وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>