للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الراجح المتعين في حق هذا الخصم لأمر اطلع عليه، فلا يمكن الاعتراض عليه لهذه الاحتمالات (١) .

إذا قال بعض المجتهدين قولاً ولم ينتشر ولم يعلم له مخالف، هل يكون إجماعاً سكوتياً؟

ص: فإن قال بعض الصحابة قولاً ولم يُعْرف له مخالف (٢) ، قال الإمام (٣) : إن كان مما تَعُمُّ به البلوى (٤) ، ولم ينتشر (٥) ذلك القول فيهم، [ففيه مخالف لم يظهر] (٦) ،


(١) لكن اعترض ابن عاشور على قول المصنف هنا فقال: ((قوله (أي المصنف ... سَهْو ظاهر في تقرير حجته فالسكوت إنما كان تحاشياً للافتيات على الأمراء، لا لموافقتهم، ولا يردون أن في الإنكار فائدة؛ لأن الأحكام لا تنقض؛ ولأن الخلاف يرتفع بالحكم ... أما ما قرره المصنف فيفضي إلى أن ابن أبي هريرة يجوّز للحاكم خرق الإجماع لأمور ظنية، وهذا لا قائل به، ولو أراده المصنف لكان ذريعةً للظلمة يخرقون به الإجماعات، ولكن المصنف أجلّ من أن يقرّ هذا لو أعاد عليه النظر بعد أن سبقه القلم)) . حاشية التوضيح والتصحيح ٢ / ١٠٥.
(٢) الفرق بين هذه المسألة وسابقتها: أن الأولى القول فيها منتشر وظاهر، بينما في هذه لم يبلغ القول جميع المجتهدين. انظر: نفائس الأصول ٦/٢٦٩٣، رفع النقاب القسم ٢/٥٠٧.
أمَّا الأقوال فيها فهي ثلاثة، لم يذكر المصنف منها سوى واحدٍ، وهي، الأول: يُلحق بالإجماع السكوتي، فيكون حكمه حجةً وإجماعاً. الثاني: لايكون إجماعاً ولاحجة، لأنه لم يبلغهم، فلو بلغهم ربما لم يسكتوا عليه. الثالث: التفصيل ـ وهو ما حكاه المصنف عن الرازي ـ فإن كان مما تعمُّ به البلوى ألْحِق بالسكوتي، لأنه لابدّ أن يكون للباقين قولٌ في المسأله لكنه لم يظهر، فيجري مجرى قول البعض بحضرة الباقين وسكوتهم عنه، وإن كان ممالا تعم به البلوى فلا يكون إجماعاً سكوتياً، أي ليس بإجماع ولا حجة، لاحتمال ذهول البعض عنه. انظر المسألة في: المعتمد ٢/٧١، الإحكام لابن حزم ١/٦١٥، شرح اللمع للشيرازي ٢/٧٤٢، التمهيد لأبي الخطاب ٣/٣٣٠، المحصول للرازي٤/١٥٩، الإحكام للآمدي ١/٢٥٥، منتهى السول والأمل ص ٥٩، التوضيح لحلولو ص٢٨٣
(٣) انظر: المحصول ٤/١٥٩. وقد سبق تقرير مذهبه قريباً في الهامش السابق.
(٤) ما تعم به البلوى هو: ما يحتاج الكل إليه حاجةً متأكدة تقتضي السؤال عنه مع كثرة تكرره، كمس الذَّكَر ونحوه. انظر: شرح جمع الجوامع بحاشية البناني ٢/١٣٦، تيسير التحرير ٣/١١٢، رفع النقاب القسم ٢/٥٠٨.
(٥) في ق: ((يَفْشُ)) .
(٦) وقع في هذه العبارة اضطراب في النسخ المخطوطة للمتن والشرح، والمثبت من س، ص، و، ش، ومتن ز، ومتن د. وقريبٌ من ذلك في نسخة ن بزيادة كلمة " قول ": ((ففيه قول مخالف لم يظهر)) ..وسبب الاختيار المثبت أن المصنف قال في شرح هذا المتن ص (١٤٧) وقولي: ((فيه مخالف)) ، وهو ما أجمعت عليه نسخ الشرح، فكان ما أثبت أقرب لعبارة المصنف في شرحه. وفي ق: ((فيحتمل أن يكون فقيه مخالف لم يظهر)) . وفي متن هـ، ومتن ف ((فيحتمل أن يكون فيهم مخالف لم يظهر)) . وفي نسخة م: ((وفيهم فقيه مخالف لم يظهر)) . وفي ز: ((وبينهم وفيه مخالف لم يظهر)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>