للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن حصول الفرق لا يمنع من الاشتراك في الحكم، وقد بينَّاه فيما تقدم (١) .

[إفادة المتواتر العلم الضروري]

والعلم الحاصل منه ضروري (٢)

عند الجمهور (٣) خلافاً لأبي الحسين البصري (٤) وإمام الحرمين (٥) والغزالي (٦) .


(١) تقدم ذلك في حجة الجمهور بأن العلم حاصل بالدول الماضية والبلدان الغائبة، فبطل ما تعلَّقوا به. انظر: رفع النقاب القسم: ٢/٩٥٠.
ويمكن أن يُمثَّل لقول المصنف: "إن حصول الفرق لا يمنع من الاشتراك في الحكم" كما تقول: زيد فقيه وهو حيوان، وعمرو ليس بفقيه، فلا يلزم أن لا يكون عمرو حيواناً لوجود الفرق.
(٢) هذه مسألة مفرَّعة عن سابقتها، وهي: هل المتواتر يفيد العلم الضروري؟
ابتداءً أذكر تقسيم العلماء للعلم إلى قسمين، الأول: العلم الضروري: وهو الذي لا يحتاج إلى نظرٍ واستدلال. أو هو: ما لزم المخلوقَ على وجهٍ لا يمكن دفعه عن نفسه بشكٍّ ولا شبهة، كالعلم الحاصل عن الحواس الخمس. والثاني: العلم النظري أو المكتسب أو الاستدلالي: وهو العلم الذي يحتاج إلى نظرٍ وفكرٍ واستدلالٍ؛ كالعلم بحدوث العالم مثلاً. انظر: العدة لأبي يعلى ١/٨٠ وما بعدها، الحدود للباجي ص ٢٥، ٢٧، الشرح الكبير على الورقات للعبادي ١/٢٥٨ وما بعدها.

أما مسألتنا هذه ففيها ثلاثة أقوال، الأول: المتواتر يفيد العلم الضروري وهو للجمهور، والثاني: يفيد العلم النظري، عزاه المصنف إلى أبي الحسين البصري والجويني والغزالي، ومعهم أيضاً الكعبي من المعتزلة، وأبوبكر الدقاق من الشافعية، واختاره أبوالخطاب. الثالث: التوقف، لتعارض أدلة الطرفين، وهو مختار الآمدي. وزاد الزركشي مذهباً رابعاً: وهو أنه بين الضروري والنظري. البحر المحيط له ٦/١٠٧. انظر المسألة في: رسالة في أصول الفقه للعكبري ص١١٩، التقريب والإرشاد للباقلاني ١/١٩٠، إحكام الفصول ص٣٢٠، شرح اللمع للشيرازي ٢/٥٧٥، التمهيد لأبي الخطاب ٣/٢٢، المحصول للرازي ٤/٢٣٠، التوضيح لحلولو ص٢٩٨ فتح الغفار ٢/٧٧، فواتح الرحموت ٢/١٤٣، الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص١٦.
(٣) انظر المراجع السابقة.
(٤) انظر: المعتمد ٢/٨١.
(٥) انظر: البرهان ١/٣٧٥.
(٦) انظر: المستصفى ١/ ٢٥٢ - ٢٥٤، المنخول ص ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>