للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرح

حجة الجمهور: أنَّا نجد العلم التواتري [حاصل] (١) للصبيان والنسوان ومن (٢) ليس له أهلية النظر، [فلو أنه نظري لما حصل إلا لمن له أهلية النظر] (٣) .

حجة الفريق الآخر: أنا نعلم بالضرورة أنَّ المخبرين إذا توهّم السامع أنَّهم مُتَّهمون فيما أخبروا به لا يحصل له العلم، وإذا لم يتوهم ذلك حصل له العلم، وإذا علم أنَّهم من أهل الدِّيانة والصدق حصل له العلم بالعدد اليسير منهم (٤) ، وإذا لم يحصل له العلم بأنهم كذلك ـ بل بالضِّد ـ لم يحصل العلم بإخبار الكثير منهم، وإذا كان العلم يتوقف حصوله على ثبوت أسبابٍ وانتفاء موانع، فلابد من النظر في حصول تلك الأسباب وانتفاء تلك الموانع: هل حصلت كلها أو بعضها؟ فيكون العلم الحاصل عَقِيْب التواتر نظرياً لتوقفه على (٥) النظر.

والجواب: أن ذلك صحيح، لكن تلك المقدمات حاصلة في أوائل الفطرة (٦) ، فهذا (٧) العلم لا يحتاج إلى كثير (٨) تأمل، ولا يقال للعلم: إنه نظري إلا (٩) إذا لم يحصل إلا لمن له أهلية النظر، وقد بيَّنَّا أن الأمر ليس كذلك (١٠) .


(١) تواترت جميع النسخ وتواطأت على إثبات "حاصل" بالرفع، ولست أعلم لذلك وجهاً مستقيماً. والصواب "حاصلاً" على أنه مفعول ثانٍ للفعل "نجد". قال ابن مالك:
انْصِبْ بفعْلِ القلْبِ جَزْأي ابْتدا أعْنِي: رأى، خَالَ، علمْتُ، وَجَدا
انظر: شرح ابن عقيل ١/٢٠٧.
(٢) في س: ((ما)) والمثبت هو الأولى، لأن الغالب في ((من)) الموصولة وقوعها على العالِم (العاقل) ، و ((ما)) لما لا يعقل، وقد يخرجان عن الغالب في مواضع. انظر: همع الهوامع للسيوطي ١/٢٩٧.
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من ن.
(٤) سيأتي بعد قليل مبحث اشتراط العدد في التواتر.
(٥) في س: ((عن)) .
(٦) أي: تلك المقدمات النظرية - التي أشار إليها الفريق السابق في حجتهم - تحصل في أوائل الفكرة، ولا يتجاوز الأمر هذا الحد إلى النظر والبحث والاستدلال.
(٧) في ق "و".
(٨) في س "كبير".
(٩) ساقطة من ق.
(١٠) من العلماء من اعتبر الخلاف في كون المتواتر يفيد العلم الضروري خلافاً لفظياً يرجع إلى مقصود كلٍّ من الطرفين بالضروري. انظر وجهه في: المنخول ص٢٣٨ بذل النظر ص٣٨١، شرح مختصر الروضة للطوفي ٢/٧٩، شرح المحلي على جمع الجوامع بحاشية البناني ٢/١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>