للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصغرها (١) ، وقال بعض العلماء (٢) : لا (٣)

يقال في معصية الله تعالى صغيرةٌ نظراً إلى من عُصِى (٤) بها مع حصول الاتفاق على أن العدالة لا تذهب بجميع الذنوب، بل الخلاف في التسمية.

قال بعض العلماء*: كل معصية فيها حَدٌّ فهي كبيرة، وكذلك [كلُّ ما] (٥) ورد في الكتاب أو السنة لعنةُ فاعله أو التشديدُ في الوعيد عليه فهو (٦) كبيرة ثم ما وقع من غير ذلك اعتبر بالنسبة إليه، فإن ساواه في المفسدة حُكِم بأنه كبيرة (٧) ،

ووردت السنة


(١) اختلف العلماء في انقسام الذنوب إلى: كبائر وصغائر، وطائفة من المعتزلة تجعلها كلها كبائر، ويحكمون بالتخليد في النار، والمرجئة تقول: الذنوب كلها صغائر مع الإيمان، فلا كبيرة مع الإيمان ولا حسنة مع الكفر. ومذهب أهل الحق ـ أهل السنة والجماعة ـ ومن وافقهم بأن الذنوب منها الكبائر ومنها الصغائر، ولا يليق إنكار الفرق بينهما وقد قال تعالى {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ... } [النساء: ٣١] وقال: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللَّمم} [النجم: ٣٢] . انظر: الفروق للقرافي ٤/٦٥، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٥/١٥٨، مجموع الفتاوى لابن تيمية ١١/٦٥٧، البحر المحيط للزركشي ٦/١٥٢، الزواجر عن اقتراف الكبائر لابن حجر الهيتمي ١/٥، رفع النقاب القسم ٢/٦٤١.
(٢) أورد الطبري في تفسيره مجلد ٤/جزء ٥/ ٥٩ أثراً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كل شيء عُصي الله فيه فهو كبيرة". من العلماء من شكك في صحة هذا القول إلى ابن عباس لمخالفته ظاهر القرآن، بينما صححه ابن حجر وأوَّله. انظر: فتح الباري (١٠/٥٠٢) . وقال النووي في شرح صحيح مسلم (٢/٧٢) "ولا شك في كون المخالفة قبيحةً جداً بالنسبة إلى جلال الله تعالى، ولكنْ بعضها أعظم من بعض ـ ثم قال ـ فسمَّى الشرع ما تكفِّره الصلاةُ ونحوها صغائرَ وما لا تكفِّره كبائرَ، ولا شك في حُسْن هذا، ولا يخرجها هذا عن كونها قبيحةً بالنسبة إلى جلال الله تعالى فإنها صغيرة بالنسبة إلى ما فوقها، لكونها أقلَّ قبحاً ولكونها متيسّرة التكفير والله أعلم".
(٣) ساقطة من ن..
(٤) في س، ن: ((عصا)) وهو خطأ. والصواب بناؤه على المجهول؛ لأن النظر في صغر المعصية لا يكون إلى العاصي وإنما إلى الله الذي عُصي بها.
(٥) فه س: ((كلما)) وهو تحريف لأنه أداة شرط، يشترط في جوابها أن يكون فعلاً ماضياَ، ولا وجود له هنا. انظر: همع الهوامع للسيوطي ٢/٤٩٩.
(٦) في ق: ((فهي)) . وهو ممكن باعتبار جعل " ما " الموصولة بمعنى التي. انظر: حاشية الصبَّان على شرح الأشموني ١ / ٢١٩.
(٧) اختلف العلماء في الكبائر، هل تعرف بالحدِّ أم بالعدِّ؟ فالذين قالوا بالعدّ اختلفوا في حصرها، فأقلّ ما قيل سبع، وأكثره سبعون وقيل: سبعمائة. والذين قالوا بالحدّ اضطربوا في حدَّها، فابن حجر الهيتمي ذكر في حدّها في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر (١/٥) ما يربو على الثمانية. وأحسن ما يقال في تعريف الكبير هو: كل ما يوجب حَدَّاً في الدنيا أو وعيداً في الآخرة كالوعيد بالنار أو الغضب أو اللعنة أو عدم دخول الجنة أو لا يشمُّ ريحها أو قيل فيه: ((ليس مِنّا)) أو نحو ذلك. انظر: الإرشاد للجويني ص ٣٢٨، مجموع الفتاوى لابن تيمية ١١/٦٥٠ ـ ٦٥٨، الداء والدواء (الجواب الكافي) لابن القيم ص٢٢٥، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص٥٢٥، قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام ص٤٦، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٥/١٥٨، البحر المحيط للزركشي ٦/١٥٣..

<<  <  ج: ص:  >  >>