للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الظن لا يكفي في القطعيات وإلا قُبِل (١) .

الشرح

مسائل أصول الدين المطلوب فيها اليقين وهو المكلف به فيها عند الجمهور، فإذا ورد ما يفيد الظن وفي الأدلة العقلية ما يقتضي ذلك المطلب بعينه حصل المقصود بذلك القطعي (٢) وبقى السَّمْعي مؤكِّداً (٣) له ومؤنِّساً؛ فإن اليقين بما ورد فيه السمع والعقل


(١) هذه المسألة مفرَّعة على مسألة: إفادة خبر الآحاد العلمَ، التي سبقت الإشارة إليها، فمن قال بإفادة الآحاد الظن لم يقبله في مسائل الاعتقاد، ومن قال بإفادته العلم احتج بالآحاد في مسائل الاعتقاد. والذي أعتقده صواباً في هذه المسألة أن خبر الآحاد حجة في العقائد والأحكام. قال ابن عبد البر "ليس في الاعتقاد في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله أو صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت عليه الأمة. وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يُسلّم له ولا يناظر فيه" جامع بيان العلم وفضله (٢/ ٩٤٣) . وقال أبو المظفّر السمعاني "وكذلك أجمع أهل الإسلام ـ متقدموهم ومتأخروهم ـ على رواية الأحاديث في صفات الله عز وجل، وفي مسائل القدر والرؤية وأصول الإيمان والشفاعة والحوض وإخراج الموحِّدين المذنبين من النار، وفي صفة الجنة والنار ... وفضائل النبي صلى الله عليه وسلم ومناقب الصحابة وأخبار الأنبياء المتقدمين عليه، ما أشبه ذلك مما يكثر عدُّه ذكره. وهذه الأشياء كلها علمية لا عملية، إنما تروى لوقوع علم السامع بها. فإذا قلنا إن: خبر الواحد بها لا يجوز أن يُوجِب العلمَ، حملنا أمر الأمة في نقل هذه الأخبار على الخطأ، وجعلناهم لاغين هاذِّين مشتغلين بما لا يفيد أحداً شيئاً ولا ينفعه، ويصير كأنهم قد دوَّنوا في أمور الدين مالا يجوز الرجوع إليه، والاعتماد عليه " الانتصار لأصحاب الحديث ص ٣٦ - ٣٧..وانظر أيضاً: مختصر الصواعق المرسلة لابن القيم ص (٤٧٩ ـ ٧٦١) ، شرح الكوكب المنير ٢/٣٥٢، مذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص (١٧٩ - ١٨٤) . وهناك كتبٌ استبحرت في معالجة هذا الموضوع الخطير معالجةً مُحْكمةً، منها:
١ - وجوب الأخذ بحديث الآحاد في العقيدة، والرد على شبه المخالفين للألباني. ٢ - أصل الاعتقاد د. عمر الأشقر.
٣ - الأدلة والشواهد على وجوب العلم بخبر الواحد في الأحكام والعقائد. سليم الهلالي. ٤ - حجية أحاديث الآحاد في الأحكام والعقائد للأمين الحاج محمد أحمد. ٥ - حجية الآحاد في العقيدة ورد شبهات المخالفين د/ الوهيبي.
(٢) في ن: ((العقيلي)) .
(٣) في ن: ((مؤكد)) وهو خطأ نحوي، لأنه حال منصوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>