للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحكمة هي التي لأجلها صار الوصف علةً، كذهاب (١) العقل الموجِب لجعل الإسكار علةً.

الشرح

ومن الحكمة اختلاط الأنساب، فإنه سبب جَعَل وصف الزنا سببَ وجوب (٢) الحدِّ، وكضياع المال الموجب لجعل وصف السرقة سبب القطع.

حجة الجواز: أن الوصف إذا جاز التعليل به فأولى بالحكمة؛ لأنها أصله، وأصل الشيء لا يَقْصُر عنه، ولأنها نفس المصلحة والمفسدة وحاجات الخَلْق، وهذا هو سبب ورود الشرائع، فالاعتماد عليها أولى من الاعتماد على فرعها.

حجة المنع: أنه لو جاز التعليل بالحكمة لما جاز التعليل بالوصف، لأن الأصل لا يُعْدل عنه إلى فرعه إلا عند تعذُّره، والحكمة ليست متعذِّرة، فلا يجوز العدول عنها فيُعلَّل بها، [ومتى عُلِّل بها] (٣) سقط التعليل بالوصف، فظهر أنه لو صحَّ التعليل بالحكمة لامتنع التعليل بالوصف، لكن (٤) المنع من الوصف خلاف إجماع (٥) القائسين (٦) ، ولأنه لو جاز التعليل بالحكمة (٧) للزم تخلُّف الحكم عن علته وهو خلاف الأصل.

بيانه: أن وصف الرضاع سبب حرمة النكاح (٨) ، وحكمتُه (٩) : أن جُزْء المرأة صار جزءاً (١٠) للرضيع؛ لأن لبنها جزؤها، وقد صار لَحْماً للجنين، فأشْبَه مَنِيَّها الذي


(١) في متن هـ: ((كإذهاب)) .
(٢) في س: ((وجود)) والمثبت أدلّ على الحكم.
(٣) ساقط من س.
(٤) في س: ((لأن)) وهو تحريف.
(٥) في س: ((اجتماع)) .
(٦) في س: ((القياسِيِّيْن)) ، وفي ق: ((القَيَّاسِيْن)) وكلاهما صالح، فالأُوْلى مفردها " قِياسيّ "، والثانية
" قيَّاس " وكلاهما نسبة إلى " قياس ". انظر قاعدة المنسوب في: شرح شافية ابن الحاجب لرضي الدين الاستراباذي ٢ / ٤، ٨٤. والمثبت من نسخة ن مفرده: ((قائس)) وهو الأشهر على لسان الأصوليين.
(٧) في س: ((الحِكَم)) وهو صحيح، جمع " حِكْمة "، وفي ن: ((الوصف)) وهو خطأ جليّ؛ لأن الدليل مسوقٌ لإبطال التعليل بالحكمة لا بالوصف.
(٨) في ن، ق: ((الرضاع)) وهو خطأ؛ لأن الرضاع يكون سبباً في حرمة النكاح.
(٩) ساقطة من س، وهو سَقْط مخلّ.
(١٠) هنا زيادة ((لمن)) وهي مقحمة خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>