للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظاهر كلامه أن الشرطين في الأصل، ولا يخفى أن الشرطين المذكورين، شرطان في حكم الأصل لا في نفس الأصل، ويمكن أن يكون كلام المؤلف مبنياً على ما قاله جماعة من أن الأصل هو الحكم لا محل الحكم فمشى في عبارته الأولى على أحد القولين، وفي الثانية على الآخر.

إذا علمت ذلك فالأول من الشرطين هو أن يكون حكم الأصل ثابتاً بنص أو اتفاق الخصمين.

الشرط الثاني: هو أن يكون الحكم معقول المعنى كتحريم الخمر لا إن كان تعبدياً كأوقات الصلاة واعداد الركعات ووجه اشتراط الأول أن الحكم إن كان مختلفاً فيه لم يصح التمسك به لأن كونه أصلا مقيساً عليه ليس بأولى من كونه فرعاً مقيساً، فلو أراد المستدل أن يثبت حكم الأصل بالقياس على محل آخر فقيل لم يجز له ذلك، وهو اختيار المؤلف، وقيل يجوز وعزاء المؤلف لبعض الأصحاب من الحنابلة، وهو مذهب مالك وعليه درج في المراقي قوله:

وحكم الأصل قد يكون ملحقا ... ... ... لما من اعتبار الأدنى حققا

ومثاله قياس الأرز على البر في تحريم الربا فيكون الأرز أصلا ثابتاً بالقياس الذرة عليه مثلا، وقد يظهر لك أن هذا تطويل لا فائدة فيه لا مكان قياس الكل على الأصل الأول كما احتاج به من قال بالمنع والقائلون به يقولون: قد تكون فيه فائدة ككون المقيس الثاني أقرب إلى الأصل الثاني منه إلى الأول واعتبار الأدنى مقصد صحيح وإليه الإشارة بقول صاحب المراقي المذكور آنفاً:

" لما من اعتبار الأدتى حققا " فيجوز مثلا أن يكون الأرز أقرب إلى الذرة منه إلى البر فيقاس على الذرة لأنها أقرب له من البر بعد قياس الذرة على البر.

<<  <   >  >>