للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليوم يوم بر ووفاء» وقال: «خذوها يا بني شيبة خالدة تالدة، لا ينزعها منكم إلا ظالم» «١» .

ولا يزال مفتاح الكعبة فيهم إلى يومنا هذا وإلى ما شاء الله، ويقال للحجبة: الشيبيون نسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، وهو ابن عم عثمان هذا لا ولده، وله أيضا صحبة للنبي ورواية، فقد انتقلت من عثمان بن طلحة إلى ابن عمه شيبة وما زالت في نسله إلى اليوم، وفي هذه الحادثة نزل قوله تعالى:

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ الاية «٢» .

[خطبة يوم الفتح]

ووقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب الكعبة، وقد تكاثر الناس في المسجد، وأوجس المشركون خيفة، وكادت تغص حلوقهم بقلوبهم من شدة الخوف، وصارت أبصارهم مشدودة إلى الرسول، ولكن المظلوم المنتصر أبى إلا أن يضرب مثلا نادرا في العفو، فقام خطيبا وكان مما قال:

«لا إله إلا الله واحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب واحده، ألا إن كل مأثرة كانت في الجاهلية، أو دم، أو مال يدعى، فهو موضوع تحت قدمي هاتين، إلا ما كان من سدانة البيت وسقاية الحاج فإنهما أمضيتهما لأهلها على ما كانت ألا وإن قتيل الخطأ شبه العمد بالسوط والعصا، ففيه الدية مغلّظة مائة من الإبل: أربعون منها في بطونها أولادها. يا معشر قريش إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالاباء، الناس من ادم، وادم من تراب» ثم تلا هذه الاية:


(١) فتح الباري، ج ٨ ص ١٥.
(٢) سورة النساء: الاية ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>