للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان لهذا النصر أثره في نفوس كثير ممن بقي من أهل مكة على شركهم، فأسلموا لما عاينوا نصر الله لنبيه، وإعزازه لدينه، وفي غزوة حنين أنزل الله سبحانه قوله:

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ. ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ. ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «١» .

تشفّي بعض الأعراب وضعفاء الإيمان

ولما انهزم المسلمون تكلم بعض جفاة الأعراب، ومن كانوا حديثي عهد بالإسلام بكلام ينم عن التشفي والشماتة، فقال كلدة بن الحنبل- وهو أخ لصفوان بن أمية لأمه-: ألا بطل السحر اليوم!! فقال له صفوان- وكان لا يزال مشركا في المدة التي جعل له فيها الرسول الخيار-: اسكت، فضّ الله فاك، فو الله لأن يربّني- يملكني- رجل من قريش أحب إلي من أن يربّني رجل من هوازن!!

ومر رجل قرشي بصفوان بن أمية فقال له: أبشر بهزيمة محمد وأصحابه فو الله لا يجبرونها أبدا، فزجره أمية وقال: تبشرني بظهور الأعراب؟! وقال عكرمة بن أبي جهل لهذا الرجل: الأمر ليس بيدك، الأمر بيد الله ليس إلى محمد منه شيء، إن أديل عليه اليوم فإن العاقبة له غدا!! فقال سهيل بن عمرو: والله إن عهدك بخلافه لحديث، فقال عكرمة: يا أبا يزيد إنا كنا على غير شيء، وعقولنا ذاهبة نعبد حجرا لا يضر ولا ينفع!! وقال أبو سفيان بن حرب:

لا تنتهي هزيمتهم دون البحر. وقد أكذب الله كل هذه الأماني، وكانت العاقبة للرسول والمؤمنين.


(١) سورة التوبة: الايات ٢٥- ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>