للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناس هيأ له الأسباب، فألهم سارة، فقالت لإبراهيم: إن الرب قد أحرمني الولد، فادخل على أمتي هذه لعل الله يرزقك منها ولدا فلما وهبتها له دخل بها إبراهيم- عليه السلام- فحملت منه، ثم وضعت إسماعيل- عليه السلام- وقد ولد ولإبراهيم الخليل ست وثمانون سنة، وبعد ذلك بشرت الملائكة سارة بإسحاق نبيا من الصالحين؛ فولدته بعد العقم، وعلى الكبر، ولإبراهيم نحو من مائة سنة، فبين ولادة إسماعيل وإسحاق ما يقرب من أربعة عشر عاما.

ومن ذرية إسماعيل كانت العرب العدنانية على اختلاف قبائلها وبطونها، ومن سلالته من الأنبياء خاتمهم، وواسطة عقدهم، ونبي العرب والعجم:

سيدنا محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي صلّى الله عليه وسلّم.

إسكان هاجر وإسماعيل بجبال فاران «١»

ولما وضعت هاجر المصرية «٢» إسماعيل داخل السيدة سارة ما يداخل الضرائر من الغيرة، لأنها لم ترزق بولد، وقد تراءى لها أن هاجر بدأت تتعاظم عليها، فصارت تلاحقها بالأذى. فأمر الله خليله إبراهيم أن يذهب بهاجر وابنها إسماعيل إلى واد بجبال فاران، حيث يوجد مكان الكعبة البيت الحرام، وكان هضبة حمراء مشرفة، تطييبا لخاطر السيدة الصابرة سارة، وتنفيذا لما سبق به التقدير الإلهي من بناء البيت، وأن يصير من نسل إسماعيل أمة مسلمة عظيمة، وأن يبعث فيها رسولا من أنفسها، يتلو عليهم من آياته، ويعلمهم الكتاب والحكمة، فأخذهما الخليل وذهب بهما إلى هناك، وترك عندهما جرابا من تمر وسقاء من ماء، ثم عاد، فجرت وراءه هاجر، وهي تقول: إلى من تتركنا يا خليل الرحمن؟ الله أمرك بهذا؟ قال: نعم، فقالت: إذا لا يضيّعنا!! وهذا يدل على إيمانها، وشدة توكلها على ربها، وأنها جديرة أن تكون أما لنبي عظيم، ولأمة عظيمة.


(١) فاران: هي مكة كما يعبر عنها في التوراة.
(٢) هي من قرية «أم العرب» ويقال: أم عريك كانت أمام الفرما.

<<  <  ج: ص:  >  >>