للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قسمة الغنائم]

لما ردّ رسول الله السبايا على هوازن وأعطى بعضهم ما أعطى من الإبل، تخوف بعض الناس ولا سيما الأعراب أن يرد إليهم أموالهم أيضا، فألحوا على الرسول في قسمة الغنائم حتى ألجأوه إلى شجرة هناك، وخطفوا رداءه، فقال:

«ردوا علي ردائي أيها الناس، فو الذي نفسي بيده لو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته فيكم، ثم لا تجدوني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا» ، ثم أخذ وبرة من سنام بعير ثم رفعها بين إصبعيه وقال: «أيها الناس، والله مالي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول «١» عار وشنار على أهله يوم القيامة» . فجعل كل من أخذ شيئا من الغنيمة يرده ولو كان زهيدا. «٢»

ثم خمّس رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنيمة فأخذ الخمس لنفسه، وأعطى منه أناسا أسلموا يتألفهم بذلك، وأناسا لم يسلموا ليحببهم في الإسلام، فأعطى مائة من الإبل لكل من أبي سفيان، وابنيه: معاوية ويزيد، والحارث بن هشام، وحكيم بن حزام، وكان كلما أعطاه الرسول مائة استزاده حتى قال له:

«يا حكيم، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى» «٣» . وقد أثرت هذه الموعظة في نفس حكيم، فأخذ


(١) في القاموس: «والخياط- ككتاب ومنبر-: ما خيط به الثوب والإبرة» ، والغلول: الخيانة في الغنيمة، يعني أدوا الخيط والإبرة.
(٢) رواه البخاري.
(٣) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>