للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ظل بارد، وطعام مهيأ، وامرأة حسناء، في ماله مقيم!! ما هذا بالنّصف، والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله، فهيّئا زادا ففعلتا.

ثم ركب راحلته ولحق برسول الله حين نزل بتبوك، فلما دنا من الجيش قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبل. فقال رسول الله: «كن أبا خيثمة» فنظروا فإذا هو أبو خيثمة. فسلّم على الرسول وأخبره خبره، فدعا له بخير.

وكذلك لحق برسول الله عمير بن وهب الجمحي «١» .

[كن أبا ذر]

لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك جعل الرجل يتخلّف عنه فيقولون:

يا رسول الله تخلّف فلان فيقول: «دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم.

وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه» . حتى قيل يا رسول الله تخلف أبوذر وأبطأ به بعيره، فقال مقالته تلك.

فتلوم- انتظر- أبوذر بعيره، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع رسول الله ماشيا، ونزل رسول الله في بعض منازله، ونظروا فإذا رجل ماش على الطريق، فقال رسول الله: «كن أبا ذر» فتأمله القوم فإذا هو أبو ذر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله أبا ذر، يمشي واحده، ويموت واحده، ويبعث واحده» .

وقد صدقت نبوءة الرسول، ففي عهد عثمان خرج إلى الربذة «٢» وأقام بها حتى مات، فلما حضرته الوفاة أوصى امرأته وغلامه فقال: إذا أنا مت فاغسلاني، وكفناني، وضعاني على الطريق، فأول ركب يمر فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما مات فعلوا به كذلك، فإذا ابن مسعود مار في رهط من الكوفة، فقال: ما هذا؟ فقيل له: جنازة أبي ذر، فبكى وقال: صدق رسول الله «يرحم الله أبا ذر ... » ونزل فتولّى دفنه بنفسه.


(١) البداية والنهاية ج ٥ ص ٧، ٨.
(٢) الربذة: على وزن قصبة: مكان على الطريق بين المدينة والعراق، على ثلاثة أيام من المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>