للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[النزول بالحجر]

ولما مرّ رسول الله بالحجر- ديار ثمود- قال: «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين، أن يصيبكم مثل ما أصابهم» ثم قنّع «١» رأسه وأسرع السير حتى أجازوا الوادي «٢» .

وروى الإمام أحمد بسنده عن ابن عمر قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام تبوك الحجر عند بيوت ثمود، فاستقى الناس من الابار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا ونصبوا القدور باللحم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل، ثم ارتحل بهم حتى نزل البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذّبوا فقال: «إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم» . وذكر ابن إسحاق نحو ذلك وكذا البخاري في صحيحه، وهكذا لا يجد النبي فرصة للاعتبار إلا ذكّرهم وحذّرهم.

[انسحاب الروم]

ولما وصل جيش المسلمين تبوك لم يجد أحدا هنالك، لأن الروم لما بلغهم مسير هذا الجيش الذي يؤثر الموت على الحياة اثروا الانسحاب إلى بلاد الشام ليتحصنوا بحصونها، فلم ير النبي داعيا لتتبعهم داخل بلادهم، وأقام عند الحدود يناجز من شاء أن يناجزه ويقاومه.

وفود صاحب أيلة وأهل جرباء وأذرح «٣»

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك بضعة عشر يوما، ليريهم أن سلطان الله في الأرض لا يرهب أحدا، وليؤمن الحدود الشمالية بمعاهدة المجاورين له.


(١) قنّع رأسه: غطاها بثوبه.
(٢) رواه البخاري ومسلم.
(٣) أيلة بفتح الهمزة وسكون الياء: قرية بين الحجاز والشام على خليج العقبة. والجرباء: قرية من أعمال عمان بالبلقاء من أرض الشام. أذرح بفتح الهمزة وسكون الذال، وضم الراء اخره حاء مهملة: بلد في أطراف الشام من نواحي البلقاء مجاورة لأرض الحجاز، وهي قريبة من الجرباء.

<<  <  ج: ص:  >  >>