للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونبتل بن الحارث، ومجمّع بن جارية وهو الذي كان يصلي بهم فيه «١» .

فلما فرغوا من بنائه وأحكموه جاؤوا إليه صلى الله عليه وسلم وهو يتجهز لتبوك وسألوه أن يصلي لهم فيه ليحتجوا بصلاته فيه على تقريره واعتباره، وذكروا للنبي أنه بنوه لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة، والليلة الباردة، فعصمه الله من الصلاة فيه وقال:

«أنا على جناح سفر، ولكن إذا رجعنا- إن شاء الله- أتيناكم فصلينا لكم فيه» .

فلما رجع النبي من تبوك، ولم يبق بينه وبين المدينة إلا يوم أو بعض يوم نزل عليه جبريل بخبر مسجد الضرار، وما أراد به بانوه من الكفر والتفريق بين جماعة المؤمنين، فدعا رسول الله مالك بن الدخشم ومعن بن عدي وقيل أخاه عاصما وقال: «انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه» فذهبا فحرّقاه وهدّماه.

وفي هذا نزل قول الله تعالى:

وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ «٢» .

ولا يزال أعداء الإسلام من المنافقين الملحدين والمبشرين والمستعمرين يقيمون أماكن باسم العبادة وما هي لها، وإنما المراد بها الطعن في الإسلام وتشكيك المسلمين في معتقداتهم وادابهم، وكذلك يقيمون مدارس باسم الدرس والتعليم ليتوصلوا بها إلى بث سمومهم بين أبناء المسلمين، وصرفهم عن دينهم، وكذلك يقيمون المنتديات باسم نشر الثقافة والغرض منها خلخلة العقيدة


(١) سيرة ابن هشام ج ٢١ ص ٥٣٠.
(٢) سورة التوبة: الايتان ١٠٧، ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>