للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ. وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «١» .

ولما خرج إليهم قالوا: يا محمد جئناك نفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا، فقال: «قد أذنت لخطيبكم فليقل» . فقام عطارد بن حاجب فخطب خطبته ثم جلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس وكان يعرف بخطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قم فأجب الرجل في خطبته» فقام ثابت فقال أحسن مما قال عطارد، ثم قام الزبرقان بن بدر شاعرهم فقال قصيدته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان: «قم يا حسان فأجب الرجل فيما قال» فقال حسان قصيدة مطلعها:

إنّ الذوائب من فهر وإخوتهم ... قد بينوا سنة للناس تتّبع

يرضى بها كل من كانت سريرته ... تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا

قوم إذا حاربوا ضرّوا عدوّهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا

سجية تلك فيهم غير محدثة ... إنّ الخلائق- فاعلم- شرّها البدع «٢»

فلما فرغ حسان من قصيدته قال الأقرع بن حابس: وأبي إن هذا لمؤتى له- أي مؤيد مستهل له- لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلى من أصواتنا. فأسلموا وجوّزهم «٣» رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأحسن جوائزهم، وقال قيس بن عاصم- وكان يبغض عمرو بن الأهتم-:


(١) سورة الحجرات: الاية ٤- ٥.
(٢) السيرة، ج ٢ ص ٢.
(٣) جوّزهم: أي أعطاهم جوائزهم وهي العطايا والمنح.

<<  <  ج: ص:  >  >>