للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أنّ الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» «١» .

وما أجلّه من منهج يجب أن يسلكه المربون والمعلمون، والهداة والمصلحون.

وكذلك أراد النبي أن يعرف علمه بالقضاء حين بعثه فقال له: «كيف تصنع إن عرض لك قضاء» ؟ قال: أقضي بما في كتاب الله، قال: «فإن لم يكن في كتاب الله» ؟ قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «فإن لم يكن في سنة رسول الله» ؟

قال: أجتهد- وإني لا الو- أي لا أقصر، قال: فضرب رسول الله صدره ثم قال: «الحمد لله الذي وفّق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله» «٢» . وهذا يدلّ على فقه معاذ، وعلمه بأصول القضاء.

فلما فرغ رسول الله من وصاياه قال له: «يا معاذ، إنك عسى ألاتلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا وقبري» فبكى معاذ خشعا لفراق الرسول. وكذلك وقع الأمر كما أشار الرسول، فقد أقام معاذ باليمن، ولم يقدم إلا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

[بعث أبي موسى الأشعري]

وكذلك بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري اليمني إلى مخلاف اليمن الاخر وهو الأسفل، قاضيا ومفقها وأميرا ومصدّقا، وأوصاه ومعاذا فقال: «يسّرا ولا تعسرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا» «٣» .

وقد عملا بوصية النبي، وانطلق كل واحد منهما إلى عمله، وصارا يتزاوران ويتحابان في الله، وقد سأل أبو موسى رسول الله فقال: يا نبي الله،


(١) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
(٢) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
(٣) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>