للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين رغباتهن، وأن يعشن عيشة الأخوات لا عيشة الضرائر، وإنها لبطولة حقا أن يكون عنده هذا العدد من الزوجات، ويقوم بأعباء الرسالة، وتكوين خير أمة، وأول دولة في الإسلام على خير ما يكون!!.

والواحد منا تكون عنده الزوجة الواحدة، والعدد القليل من الأولاد، ومع هذا يكون في شغل شاغل، وفي حيرة من التوفيق بين حقوق زوجته وولده، والقيام بواجبات عمله على وجه مرضي، ولكنه النبي الذي وسع الناس جميعا بعقله وصدره وبره.

وهن خيار نساء هذه الأمة، الحريصات على رضاء الله ورسوله. ومع كونهن بهذه المنزلة فلم تخل معاشرتهن للنبي صلى الله عليه وسلم من بعض مضايقات ومؤامرات، بسبب ما ركز في فطرة المرأة من الغيرة، وحب الاستئثار بالزوج.

فمن ذلك أنهن اجتمعن على النبي ورغبن إليه أن يوسّع عليهن، وأن يكون لهن ما لنساء الملوك وأصحاب الثراء، وكان النبي قد أخذ نفسه وأهله وولده بالتقشف والتقلل من طيبات الحياة وزخارفها، وفرض على نفسه وعليهن لونا من ألوان المعيشة لا يتميز عن معيشة عامة الأمة، إن لم يقلّ، وهو صلى الله عليه وسلم قدوة المسلمين جميعا فليكن نساؤه كذلك قدوة لنساء الأمة، لذلك تألم النبي لمطالبهن، فاعتزلهن شهرا.

ولما اعتزل النبي نساءه شاع ذلك، وعظم الأمر على الصحابة، فذهب الصدّيق أبو بكر إلى المشربة التي اعتزل فيها رسول الله، فإذا الناس جلوس محزونون، فاستأذن على رسول الله، فأذن له، ثم جاء الفاروق فاستأذن له، فوجدا النبي واجما ساكتا وحوله نساؤه، فقال أبو بكر: لأقولنّ شيئا أضحك به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة- زوجته- سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت «١» عنقها! فضحك رسول الله وقال: «هنّ حولي كما ترى يسألنني النفقة» .


(١) طعنتها في عنقها طعنا مؤلما.

<<  <  ج: ص:  >  >>