للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد سرقت لقطع محمد يدها» «١» ، ولما جاءت ابنته فاطمة تطلب منه خادما من السبي وقد مجلت «٢» يداها من الرحى والعمل، أبى وعلّمها وزوجها دعوات يدعوان بها عند النوم وقال: «لا أعطيكم وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم من الجوع، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكن أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم» «٣» . وروى أصل القصة البخاري «٤» .

وكان يستعين بالخاصة على العامة ويقول: «أبلغوا حاجة من لا يستطيع إبلاغي، فإنه من أبلغ حاجة من لا يستطيع إبلاغها امنه الله يوم الفزع الأكبر» وكان لا يأخذ أحدا بذنب أحد، ولا يصدّق أحدا على أحد، وروي عنه أنه قال: «لا يبلّغني أحد منكم عن أحد من أصحابي شيئا، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر» .

فهل رأيت في باب الحرص على الوقوف على أحوال الأمة، وإزالة شكاواها، وقطع باب السعاية والوشاية بالرعية أبلغ من هذا؟!! فلا عجب وهذا بعض ما كان يعامل به أصحابه أن أحبوه أكثر من حبهم أنفسهم، وأن فدوه بابائهم وأمهاتهم وأنفسهم، حتى شهد بذلك الأصدقاء والأعداء.


(١) رواه الشيخان.
(٢) السبي: ما يؤخذ في الحرب من رجال ونساء. مجلت: امتلأت بثورا من إدارة الرحى وكثرة العمل.
(٣) رواه أحمد.
(٤) صحيح البخاري- كتاب النكاح- باب عمل المرأة في بيت زوجها.

<<  <  ج: ص:  >  >>