للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرب شديدة بينهم، وبين خزاعة وبني بكر، انتهت بانتصار قصي ومن معه، وهزيمة الاخرين وإجلائهم عن مكة، وتمّ لقصي ولاية البيت وأمر مكة، وجمع قومه من منازلهم- وكانت بعيدة عن البيت- إلى ما حول البيت، فسمي:

مجمّعا، وتملك على قومه وأهل مكة فملّكوه، وكان أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه.

وصارت ماثر قريش كلها إلى قصي: الحجابة «١» ، والسقاية «٢» ، والرفادة «٣» ، واللواء «٤» ، والندوة «٥» ، فحاز شرف مكة كلها، فما تنكح امرأة، ولا يتزوج رجل من قريش، وما يتشاورون في أمر نزل بهم، ولا يعقدون لواء حرب إلا في داره.

ولمّا بنت قريش بأمر قصي حول الكعبة دورها تركوا مكانا كافيا للطواف حول البيت، وتركوا بين البيوت طرقا ينفذ منها إلى الحرم، واتخذ لنفسه دار الندوة، وجعل بابها إلى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضي أمورها، وقيل إن حليلا هو الذي أوصى بذلك لقصي لما انتشر ولده من ابنته، فأبت خزاعة أن تمضي ذلك لقصي، فعند ذلك هاجت الحرب بينه وبين خزاعة، وقيل إن حليلا عهد بالمفاتيح إلى أبي غبشان وهو من خزاعة، وكان رجلا سكّيرا، فابتاعها منه قصي بزق خمر، فقيل: أخسر من صفقة أبي غبشان.

وكان قصي أول من سن الرفادة وجعلها فرضا على قريش، حيث قال:

«يا معشر قريش إنكم جيران الله، وأهل بيته، وأهل الحرم، وإن الحجاج ضيف الله، وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج، حتى يصدروا عنكم ففعلوا» .


(١) أن تكون مفاتيح الكعبة بيده فلا يدخلها أحد إلا بإذنه.
(٢) هي الشراب الذي كانوا يصنعونه لأهل مكة في الموسم من ماء زمزم يخلط تارة بعسل، وتارة بلبن، وتارة ينبذ فيه التمر والزبيب، يتطوعون بذلك للحجيج من عند أنفسهم.
(٣) طعام كانت قريش تجمعه كل عام لأهل الموسم ويقولون: هم أضياف الله تعالى.
(٤) ما يعقد للحرب.
(٥) الاجتماع للمشورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>