للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهو الذي سقاك زمزم، فارجع إلى سقايتك راشدا، فرجع ورجعوا معه، ولم يصلوا إلى الكاهنة، وخلّوا بينه وبينها.

وفي رواية أخرى أن عبد المطلب لما رأى رؤياه غدا ومعه ابنه الحارث إلى حيث وصف له مكانها، فوجد قرية النمل، ووجد الغراب الأعصم ينقر عندها بين الوثنين: إساف، ونائلة، فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر، فقامت إليه قريش، وقالوا: والله لا نتركك تحفر بين وثنينا هذين اللذين ننحر عندهما، فقال عبد المطلب لابنه: ذد عنّي حتى أحفر، فو الله لأمضين لما أمرت، فلما عرفوا أنّه جادّ خلّوا بينه وبين الحفر، فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطي فكبر، وعرف أنه صدق.

فلما تمادى به الحفر وجد غزالين من ذهب، ووجد الأسياف والأدرع، فقالت له قريش: لنا معك في هذا شرك. فقال: لا، ولكن هلمّ إلى أمر نصف بيني وبينكم، نضرب عليها القداح «١» ، قالوا: وكيف تصنع؟ قال: أجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج له قدحاه على شيء كان له، ومن تخلّف قدحاه فلا شيء له، قالوا: أنصفت، فجعل قدحين أصفرين للكعبة، وقدحين أسودين لعبد المطلب، وقدحين أبيضين لقريش، ثم أعطوا القداح لسادن هبل، وقام عبد المطلب يدعو الله عز وجل، فضرب صاحب القداح، فخرج الأصفران على الغزالين للكعبة، وخرج الأسودان على الأسياف والأدرع لعبد المطلب، وتخلّف قدحا قريش، فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب الغزالين حلية للباب، فكان أول ذهب حليت به الكعبة، ثم أقام عبد المطلب سقايتها للحاج، فكانت له عزا وفخرا على قريش، وعلى سائر العرب، وقد ذكر عنه أنه قال: إني لا أحلها لمغتسل، وهي لشارب حل وبل «٢» .


(١) جمع قدح بكسر القاف وهو السهم من الخشب الذي كانوا يستقسمون به.
(٢) في القاموس: والبل- بالكسر- الشفاء والمباح، ويقال: حل وبل، وهو إتباع يعني بمعنى حل.

<<  <  ج: ص:  >  >>