للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حريصة عليه وعلى مكثه عندك؟! قالت: فقلت: قد بلغ الله بابني، وقضيت الذي علي، وتخوّفت الأحداث عليه، فأدّيته إليك كما تحبين، قالت: ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك، قالت: فلم تدعني حتى أخبرتها، قالت: أفتخوفت عليه الشيطان؟! قالت: قلت: نعم، قالت: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لبنيّ لشأنا، أفلا أخبرك خبره؟ قلت: بلى، قالت: رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى «١» من أرض الشام، ثم حملت به فو الله ما رأيت من حمل قط كان أخف علي، ولا أيسر منه «٢» ، ووقع حين ولدته، وإنه لواضع يديه بالأرض، رافع رأسه إلى السماء، دعيه عنك، وانطلقي راشدة «٣» .

[رواية أخرى لابن إسحاق]

قال ابن إسحاق: وحدثني ثور بن يزيد عن بعض أهل العلم، ولا أحسبه إلا عن خالد بن معدان الكلاعي، أن نفرا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالوا له:

يا رسول الله أخبرنا عن نفسك، قال: «نعم أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى أخي عيسى، ورأت أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاءت لها قصور الشام، واسترضعت في بني سعد بن بكر، فبينا أنا مع أخ لي خلف بيوتنا نرعى بهما لنا إذ أتاني رجلان «٤» عليهما ثياب بيض بطست من ذهب مملوءة ثلجا، ثم أخذاني فشقّا بطني، واستخرجا قلبي فشقّاه، فاستخرجا منه علقة سوداء، فطرحاها، ثم غسلا قلبي وبطني بذلك الثلج حتى أنقياه، ثم قال أحدهما لصاحبه: زنه بعشرة من أمته فوزنني بهم فوزنتهم «٥» ، ثم قال: زنه بمائة من أمته، فوزنني بهم، فوزنتهم. ثم قال: زنه بألف من أمته، فوزنني بهم،


(١) بضم الباء والقصر من أعمال دمشق، وهي قصبة كورة حوران.
(٢) عرفت ذلك من مقارنة حملها بحمل غيرها من النساء.
(٣) سيرة ابن هشام ج ١، ص ١٦٤، ١٦٥.
(٤) هما: جبريل، وميكائيل.
(٥) رجحت عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>