للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصدر ذات مغزى فلسفي لما تشير إليه تلك الدرنة السوداء من الخطيئة الأولى التي لم يعف منها غير مريم وعيسى!! ولما يدل عليه من معنى الورع الصوفي» «١» .

وقد تأثر بهذا الرأي بعض الكاتبين في السيرة من المسلمين ومنهم الدكتور محمد حسين هيكل- رحمه الله-، فقال: «لا يطمئن المستشرقون، ولا يطمئن جماعة من المسلمين كذلك إلى قصة الملكين هذه، ويرونها ضعيفة السند ... » «٢»

إلى اخر ما قال.

وقد طعن في القصة بأنها ضعيفة السند، وأنها مرسلة، وأن القصة رواها طفل صغير في سن السنتين، وكان النبي في مثل هذه السن أيضا، وهي سن لا يحصل فيها التمييز حتى يكون تحمّل الراوي للقصة صحيحا، كما ذكر مزاعم بعض المستشرقين.

وللرد على ما أثاره المستشرقون وغيرهم حول حادث شق الصدر أقول وبالله التوفيق:

١- أما أن المستشرق «سيرموير» لم يرض أن يشير إلى قصة الملكين فثبوت القصة أو نفيها لا يتبع رضاه ولا عدم رضاه، وإنما المعوّل عليه في هذا ثبوت الرواية أو عدم ثبوتها، ولا أدري كيف استراح الدكتور هيكل إلى زعم موير وتجويزه أن يكون النبي في طفولته أصابته نوبة عصبية، وقد تنبهت لها حليمة وزوجها، وأن هذه النوبة لم تؤثر في النبي لحسن تكوينه!!

وهو دس خبيث، وطعن مردود، وليس في القصة ما يدل عليه، ولماذا رجّح ظنّ حليمة وزوجها وتخوّفهما أن يكون أصاب النبيّ شيء، ولم يرجّح قطع أمه السيدة امنة في أنه ليس للشيطان عليه سبيل؟! والأم أعلم الناس بالابن، واخر من يقتنع بزوال أثر المرض عن الابن، و «موير» لأجل أن ينكر الشق وقع فيما هو أشد نكرا، وهو أن النبي أصابته نوبة عصبية، حتى خيّل إليه


(١) حياة محمد لدرمنغم ص ٤٨.
(٢) حياة محمد لهيكل ص ١٠٩، ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>