للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث النّبيّ عليه السّلام في كفالة أمّه، ثم جدّه، ثم عمّه

ها هو ذا النبي صلّى الله عليه وسلّم قد عادت به حليمة بعد حادثة شق الصدر في مبتدأ سنته الخامسة، وقد شبّ عن الطوق، وقوي جسمه، وغلظ عوده، وبلغ من النضرة وميعة الصبا ما لم يبلغه صبي في مثل عمره، وقد عاش في كنف الأم الحنون، وأضحى هو كل شيء في حياتها، إذ ليس هناك ما يشغلها أو يلهيها عنه، ودرج في كفالة جده الشيخ الذي كان يحنو عليه أكثر من حنوه على أبنائه، وقد وجد فيه عوضا عن أحب أبنائه إليه.

[الذهاب إلى المدينة]

فلما بلغ النبي السادسة من عمره ارتأت أمّه أن تذهب به إلى أخوال جده عبد المطلب بالمدينة من بني النجار، ليرى مكانة هؤلاء الأخوال الكرام، وقد كان لهذه الخؤولة اعتبارها لمّا هاجر فيما بعد إلى المدينة، وليقضيا حق الحبيب المغيّب رمسه في تراب المدينة، وأغلب الظن أن تكون الأم حدّثت ابنها بقصة أبيه، ومفارقته الدنيا وهو في شرخ شبابه، وأن الابن تاقت نفسه إلى البلد الذي ضم رفات الأب.

وخرجت الأم والابن ومعهما أم أيمن بركة الحبشية جارية أبيه، ووصل الركب إلى المدينة. وكان المقام في دار النابغة من بني النجار، ومكثوا عندهم شهرا، وزاروا الحبيب الثاوي في قبره، وحرّكت الزيارة لواعج الشوق والأحزان في نفس الأم والابن، وانطبع معنى اليتم في نفس النبي بعد أن كان لاهيا عنه.

وبعد أن قضوا حاجات النفس عاد الركب إلى مكة، وفي الطريق بين

<<  <  ج: ص:  >  >>