للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يدفع من كان أقل قتلى دية من زاد من القتلى، فدفعت قريش لهوازن دية عشرين رجلا.

وقد حضر النبي هذه الحرب مع أعمامه، قيل: كان يرمي معهم، وقيل كان ينبل لهم «١» ، ولمّا ذكر هذا اليوم بعد النبوة قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «قد حضرته مع عمومتي، ورميت فيه بأسهم، وما أحب أني لم أكن فعلت» «٢» .

[حلف الفضول]

وكان حلف الفضول بعد حرب الفجار بأربعة أشهر، وكان أكرم حلف وأفضله في العرب في الجاهلية، وسببه أن رجلا من قبيلة (زبيد) باليمن قدم مكة ببضاعة، فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي وأبى أن يعطيه حقه، فاستعدى عليه الزّبيدي الأحلاف: عبد الدار، ومخزوما، وجمحا، وسهما، وعديّ بن كعب، فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل وانتهروه، فلما رأى الزبيدي الشر صعد على جبل أبي قبيس عند طلوع الشمس، وقريش في أنديتهم حول الكعبة، فاستصرخهم لرد ظلامته قائلا:

يا ال فهر لمظلوم بضاعته ... ببطن مكة نائي الدار والنفر

إنّ الحرام لمن تمت كرامته ... ولا حرام لثوب الفاجر الغدر

فقام الزبير بن عبد المطلب فقال: ما لهذا مترك. فاجتمعت بنو هاشم، وزهرة، وبنو تيم بن مرة في دار عبد الله بن جدعان، فصنع لهم طعاما، وتحالفوا في شهر حرام، وهو ذو القعدة، فتعاقدوا وتحالفوا بالله ليكوننّ يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يرد إليه حقه ما بلّ بحر صوفة، وما بقي جبلا ثبير وحراء مكانهما «٣» .

فسمّت قريش هذا الحلف «حلف الفضول» وقالوا: لقد دخل هؤلاء في


(١) يجمع السهام التي ترمى بها هوازن ويناولها لأعمامه.
(٢) الطبقات الكبرى، ج ١ ص ١٢٨.
(٣) الكلمتان كنايتان عن التأبيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>