للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فضل من الأمر، ثم مشوا إلى العاص بن وائل، فانتزعوا منه سلعة الزبيدي، فدفعوها إليه. وقيل: إنما سمي حلف الفضول لأنه أشبه حلفا تحالفته جرهم على هذا: من نصر المظلوم وردع الظالم، وكان دعي إليه ثلاثة من أشرافهم اسم كل واحد منهم (فضل) وهم: الفضل بن فضالة، والفضل بن وداعة، والفضل بن الحارث فيما قال ابن قتيبة، وقال غيره: الفضل بن شراعة والفضل بن بضاعة، والفضل بن قضاعة، وفي هذا الحلف قال الزبير بن عبد المطلب:

إن الفضول تعاقدوا، وتحالفوا ... ألّا يقيم ببطن مكة ظالم

أمر عليه تعاقدوا وتواثقوا ... فالجار والمعتر «١» فيهم سالم

وقد حضر النبي صلّى الله عليه وسلّم هذا الحلف الذي رفعوا به منار الحق، وهدموا صرح الظلم، وهو يعتبر من مفاخر العرب وعرفانهم لحقوق الإنسان، وقد روي أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لقد شهدت بدار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحبّ أن لي به حمر النّعم، ولو دعيت لمثله في الإسلام لأجبت» .

[تجارة النبي لخديجة في مالها]

كانت خديجة- رضي الله عنها- سيدة تاجرة ذات شرف، ومال، وتجارة تبعث بها إلى الشام. وكانت تستأجر الرجال، وتدفع إليهم المال مضاربة «٢» . وكانت قريش قوما تجّارا، ومن لم يكن تاجرا فليس عندهم بشيء.

وكان النبي قد ناهز العشرين من عمره المبارك، وأصبح شابا جلدا قويا، أعز الطالع، ميمون النقيبة، يزين شبابه الغض ما يتمتاع به من حلو الشمائل، وكرم الأخلاق: من أمانة، وصدق حديث، وعفة، وعزوف عما ينغمس فيه أمثاله من الشباب من لهو ومجون، فكان ذلك مما وجّه نفس السيدة خديجة إلى أن يعمل لها في تجارتها، فأرسلت إليه، فلما جاء إليها قالت له: دعاني إلى طلبك


(١) المعتر: الزائر من غير البلاد.
(٢) يعني يعملون لها في التجارة ولهم نصيب من الربح.

<<  <  ج: ص:  >  >>