للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم، وكان ظهر الكعبة لبني جمح، وسهم، وكان جانب الحجر لبني عبد الدار، ولبني أسد بن عبد العزّى، ولبني عدي.

وقد شارك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعمامه في البناء، ونقل الحجارة. روى الشيخان في صحيحيهما عن جابر قال: «لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلّى الله عليه وسلّم والعباس ينقلان الحجارة، فقال العباس للنبي: اجعل إزارك على رقبتك يقك الحجارة، ففعل، فخرّ إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء، ثم أفاق فقال:

«إزاري إزاري» فشدّ عليه إزاره فما رؤي بعد ذلك عريانا» «١» .

وكان الذي يلي البناء رجل رومي يسمّى «باقوم» يقال: إنه كان في سفينة محملة بالخشب قاصدة اليمن لترميم كنيسة «القليس» ، ولما كانت السفينة قبالة مكة هبّ عليها إعصار فدمرها، فقصدت قريش إلى ساحل البحر، فاشتروا بقايا السفينة وما كان فيها، واستصحبوا معهم باقوم، وهكذا أراد الله سبحانه أن تستعمل الأخشاب التي أرسلت للكنيسة في بناء الكعبة بيت الله الحرام!!

ولما وصلوا في البناء إلى موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يضعه؟ فكل قبيلة تريد أن تحظى بهذا الشرف حتى كادت الحرب تقع بينهم، وقرّب بنو عبد الدار جفنة مملوءة دما، ثم تعاقدوا هم وبنو عدي بن كعب بن لؤي على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدم في تلك الجفنة، فسمّوا (لعقة الدم) ، واستمروا على ذلك أربع ليال أو خمسا.

[عرض لحل المشكلة]

ثم ألهم الله سبحانه أحد عقلائهم وهو أبو أمية بن المغيرة المخزومي، والد السيدة أم سلمة، وكان عائذ أسن رجل في قريش، فقال: يا معشر قريش اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد «٢» ، فرضوا وقبلوا، فأشخصوا أبصارهم إلى باب المسجد، واشرأبت الأعناق إلى من يا ترى


(١) يعني كاشفا عورته غير المغلظة كالفخذ مثلا.
(٢) هو باب بني شيبة وهو يعرف اليوم بباب السلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>