للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون هذا الداخل، فإذا به الأمين محمد أرسلته العناية الإلهية ليخلص العرب من هذا الشر المستطير، فلما رأوه قالوا: «هذا الأمين رضيناه، هذا محمد!!» .

[العقل الكبير]

فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر، فكّر وقدّر، ولم يلبث أن تفتّق العقل الكبير- عقل النبي- عن هذا الحل البارع حقا، فبسط رداءه، ثم أخذ الحجر ووضعه عليه، ثم قال: «لتأخذ كل قبيلة بطرف» ثم أمرهم برفعه، فرفعوه جميعا حتى وصلوا إلى مستوى وضعه، فأخذه بيده المباركة، ووضعه موضعه، وبنى عليه، وبهذا وقى الله قريشا شر حرب ربما أفنتهم، وقد ازداد النبي بهذا منزلة فوق منزلته، وقدرا إلى قدر، وأصبح أحدوثة العرب في كل ناد ومجلس.

[ضيق النفقة بقريش]

وكانت النفقة الطيبة قد ضاقت بقريش عن إتمام البيت على قواعد إبراهيم، فاضطروا إلى أن اقتطعوا منه قطعة من جهته الشمالية، وبنوا على هذا الجزء الذي احتجزوه جدارا قصيرا للإعلام أنه من البيت وهو ما يعرف (بالحجر) «١» . وفي صحيح البخاري أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال لعائشة: «لولا أنّ قومك حديثو عهد بالكفر لبنيت الكعبة على قواعد إبراهيم» .

وكان الكعبة ارتفاعها تسعة أذرع على عهد إبراهيم وإسماعيل- عليهما السلام- وكان لها بابان: باب شرقي وباب غربي ليدخل الداخل من باب، ويخرج من الاخر، فلما بنتها قريش زادوا في ارتفاعها تسعة أذرع أخرى، واقتصروا على باب واحد، ورفعوا بابها عن الأرض، فصار لا يصعد إليها إلا على درج أو سلّم ليدخلوا من يشاؤون، ويمنعوا من يشاؤون، ونقصوا من طولها مقدار الحجر.


(١) وهو من البيت ولذلك لا يصح الطواف إلا من وراء الجدار القصير، والحجر بكسر الحاء وسكون الجيم، سمي بذلك لأنه حجر، أي اقتطع من الكعبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>