للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسنده عن زيد بن حارثة قال: كان صنم من النحاس يقال له: إساف ونائلة يتمسح بهما المشركون إذا طافوا «١» ، فطاف رسول الله وطفت معه، فلما مررت تمسحت به، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تمسّه» قال زيد: فطفنا فقلت في نفسي:

لأمسّنه حتى أنظر ما يكون، فمسحته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألم تنه» قال زيد:

فو الذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما استلم صنما قط حتى أكرمه الله تعالى بالذي أكرمه، وأنزل عليه «٢» .

وأما ما روي من أنه كان يشهد مع المشركين مشاهداهم، فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه: اذهب بنا حتى نقوم خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال:

كيف نقوم خلفه، وإنما عهده باستلام الأصنام، قال: فلم يعد بعد ذلك يشهد مع المشركين مشاهداهم- فهو حديث منكر واه ساقط عن الاعتبار «٣» .

ومثل ذلك ما روي زورا أنه تمسح «بالصفراء» كما ذكر هيكل «٤» ، أو أهدى إلى العزّى شاة بيضاء كما زعم «درمنغم» «٥» ، إلى غير ذلك من الروايات الباطلة المختلقة التي هي من وضع وتزوير أعداء النبي وأعداء الإسلام، وهي من البلايا والطامات التي اشتملت عليها بعض الكتاب التي لا يعتمد عليها في الرواية، وجاء بعض المستشرقين والذين تابعوهم من الكتاب المسلمين فنقلوها في كتبهم من غير تمحيص، وتحقيق.

وكذلك بغّض إليه قول الشعر فلم يعرف عنه أنه قال شعرا، أو أنشأ قصيدة، أو حاول ذلك، لأن ذلك لا يتلاءم ومقام النبوة، فالشعر شيء، والنبوة شيء اخر، ولم يكن الشعراء بذوي الأخلاق والسير المرضية، فلا عجب أن


(١) يعني حول الكعبة.
(٢) البداية والنهاية ج ٢، ص ٢٨٨.
(٣) المرجع السابق.
(٤) الصفراء: هي صنم.
(٥) حياة محمد ص ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>