للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ج) أن يأتي في صورته الملكية، وفي هذه الحالة لا يرى، ولكن يصحب مجيئه صوت كصوت الجرس، أو كدوي النحل، وفي هذه الحالة يتحوّل النبي من حالته البشرية الخالصة إلى حالة يحصل فيها استعداد للتلقي عن الملك، وهي أشد الحالات على النبي صلّى الله عليه وسلّم «١» ، فتأخذه حالة كحالة الرحضاء «٢» ، فيربدّ وجهه، ويغطّ غطيط «٣» النائم، ويتصبب عرقه، ويثقل جسمه، حتى إنه إن كان راكبا ناقة تزم من الثقل، وإن جاءت فخذه على فخذ إنسان تكاد ترضّها.

٣- القذف في القلب:

بأن يلقي الله أو جبريل في قلب النبي ما يريد من الوحي مع تيقنه أن ما ألقي إليه من قبل الله تعالى، وذلك مثل ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن روح القدس «٤» نفث في روعي «٥» : لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنّ أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته» رواه ابن أبي الدنيا في كتاب «القناعة» ، وابن ماجه، والحاكم في المستدرك وصححه، والطبراني، وأبو نعيم في الحلية.

٤- الإلهام:

وهو العلم الذي يلقيه الله تعالى في قلب نبيه، وعلى لسانه عند الاجتهاد في الأحكام، ويدل عليه قوله تعالى:

وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) «٦» .

إذ المراد بالوحي في الاية الإلهام أو المنام لمقابلته للقسمين الاخرين:


(١) صحيح البخاري- باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
(٢) هي الحمى.
(٣) هو ما يحصل للنائم من شخير عند احتباس نفسه.
(٤) هو جبريل عليه السلام.
(٥) الروع بضم الراء: القلب، والنفث هو النفخ مع ريق قليل، والمراد هنا الإلقاء.
(٦) الاية ٥١ من سورة الشورى.

<<  <  ج: ص:  >  >>