للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصر، وأصله من البصرة، وله كتاب في «أنساب حمير وملوكها» وكتاب في «شرح ما وقع في أشعار السيرة من الغريب» وله الكتاب الذي اشتهر به «السيرة» وهو مختصر لسيرة ابن إسحاق، مع بعض الزيادات، أو التعقبات والتصحيحات، ولئن كانت سيرة ابن إسحاق لم تصلنا بعينها فقد وصلتنا مهذبة على يد ابن هشام.

وقد تلقّاها عن زياد بن عبد الله البكّائي «١» (المتوفى سنة ١٨٢) عن ابن إسحاق وقد بين ابن هشام في المقدمة منهجه حيال سيرة ابن إسحاق فقال:

«وأنا- إن شاء الله- مبتدىء هذا الكتاب بذكر إسماعيل بن إبراهيم، ومن ولد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من ولده، وأولادهم لأصلابهم: الأول فالأول من إسماعيل إلى رسول الله، وما يعرض من حديثهم، وتارك ذكر غيرهم من ولد إسماعيل على هذه الجهة- للاختصار، إلى حديث سيرة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتارك بعض ما ذكره ابن إسحاق مما ليس لرسول الله فيه ذكر، ولا نزل فيه من القران شيء، وليس سببا لشيء من هذا الكتاب، ولا تفسيرا له، ولا شاهدا عليه- لما ذكرت من الاختصار-، وأشعارا ذكرها لم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرفها، وأشياء بعضها يشنع الحديث به، وبعض يسوء بعض الناس ذكره، وبعضه لم يقر لنا البكائي بروايته، ومستقص- إن شاء الله تعالى- ما سوى ذلك منه بمبلغ الرواية له، والعلم به» «٢» .

من أجل هذا نسي ابن إسحاق، وذكر ابن هشام، فلم يعد يذكر هذا الكتاب في السيرة إلا مقرونا باسم ابن هشام، لا يكاد يذكر ابن إسحاق إلى


(١) هو أبو محمد زياد بن عبد الله البكائي شيخ ابن هشام، روى عنه البخاري في كتاب الجهاد، وخرّج له مسلم في مواضع من كتابه، وكفى بهما مزكّيين، وموثّقين، وذكر البخاري في «التاريخ» عن وكيع قال: «زياد أشرف من أن يكذب في الحديث» ، وقد وهم الترمذي، فنقل عن البخاري أنه قال: «قال وكيع: زياد على شرفه يكذب في الحديث» ولو صح ما نقله عنه الترمذي لما خرّج له حديثا، ولا خرّج له مسلم (الروض الأنف، ص ٥) .
(٢) سيرة ابن هشام، ج ١ ص ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>