للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- إن مريض الصرع يصاب بالام حادة في كافة أعضاء جسمه، يحس بها إذا ما انتهت نوبة الصرع ويظل حزينا كاسف البال بسببها، وكثيرا ما يحاول مرضى الصرع الانتحار من قسوة ما يعانون من الام في النوبات، فلو كان ما يعتري النبي عند الوحي صرعا لأسف لذلك وحزن لوقوعه، ولسعد بانقطاع هذه الحالة عنه، ولكن الأمر كان على خلاف ذلك.

لقد انقطع الوحي عن الرسول مدة فحزن لذلك حزنا شديدا، وكان يذهب إلى غار حراء وقمم الجبال عسى أن يعثر على الملك الذي جاءه بحراء، وبقي محزون النفس من هذه الحالة، حتى سرّى عنه ربه بوصل ما انفصم من الوحي، وعادت المياه إلى مجاريها.

٣- إن الوحي لم يكن يأتي النبي صلّى الله عليه وسلّم على هذه الحالة التي قالوا عنها إنها صرع إلا أحيانا، وأحيانا كان يأتيه وهو في حالته الطبيعية، فلا غيبوبة، ولا عرق، ولا غطيط، وذلك حينما كان يأتيه جبريل في صورة رجل، وذلك كما حدث في حديث جبريل المشهور.

ويدل على هاتين الحالتين الحديث الذي رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها- أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:

«يا رسول الله كيف يأتيك الوحي؟» ، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشده علي، فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانا يتمثل لي

الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول» «١» قالت عائشة: «ولقد رأيته حين ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصّد «٢» عرقا» «٣» .

٤- إن الثابت علميا أن المصروع أثناء الصرع يتعطل تفكيره وإدراكه تعطلا تاما، فلا يدري المريض في نوبته شيئا عما يدور حوله، ولا ما يجيش في


(١) ذكر النبي في هذا الحالتين اللتين كان يكثر مجيء الوحي عليهما، وفي بعض الأحيان كان يسمع عند ما يأتيه الوحي دويّ كدويّ النحل.
(٢) يسيل.
(٣) صحيح البخاري- باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>