للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسعى بالإفساد بينه وبين الناس بالنميمة، وتضع الشوك في طريقه، والقذر على بابه، فينحيه ويقول: «أي جوار هذا يا بني عبد مناف» ؟! فلا عجب إذا كان الله عز شأنه توعدها بالنار، كما توعد زوجها.

ولما سمعت امرأة أبي لهب ما نزل فيها وفي زوجها من القران أتت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو جالس في المسجد عند الكعبة، ومعه أبو بكر الصديق، وفي يدها فهر «١» من حجارة، فلما وقفت عليهما أخذ الله ببصرها عن النبي، فلا ترى إلا أبا بكر!! فقالت: يا أبا بكر أين صاحبك؟ فقد بلغني أنه يهجوني، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه، أما والله إني لشاعرة، ثم قالت:

مذمما عصينا، وأمره أبينا، ودينه قلينا وانصرفت.

فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما تراها رأتك؟ فقال: «ما رأتني، لقد أخذ الله ببصرها عني» وكانت قريش، إنما تسمي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لشدة بغضهم له، وكراهيتهم ذكر اسمه على لسانهم: «مذمّما» بدل (محمد) ثم يسبون مذمما، فكان رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: «ألا تعجبون لما يصرف الله عني من أذى قريش، يسبون ويهجون مذمّما، وأنا محمد» !! ويعتبر هذا من منن الله عليه، وهكذا صرف الله عنه وصول السباب باللسان، كما صرف عنه وصول الأذى بالفعال، فسبحان الله الكبير المتعال.

[إيغال أبي لهب في العداوة]

وقد بلغ من أمر أبي لهب أنه كان يتبع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الأسواق، والمجامع، ومواسم الحج ويكذّبه. روى الإمام أحمد في مسنده عن رجل «٢» قال:

«رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: «يا أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا» والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه


(١) حجر ملء الكف.
(٢) هو ربيعة بن عباد كان جاهليا فأسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>