للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرة ثالثة: وفي مرة ثالثة مرّ بالنبي وهو يصلي، وقد جبن بعد ما رأى من حماية الله لنبيه، فقال: ألم أنهك أن تصلي يا محمد؟ لقد علمت ما بها أكثر ناديا مني، ولكن النبي انتهره، فرجع خاسئا وهو حسير، وقد أنزل الله- عز شأنه- في أبي جهل وسفاهاته ومسااته قوله:

كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧) إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (١٤) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ «١» (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نادِيَهُ «٢» (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ «٣» (١٨) كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩) «٤» .

[أشقى القوم عقبة بن أبي معيط]

وفي ذات يوم كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي عند الكعبة وصناديد قريش جلوس، فقال بعضهم: من ينطلق إلى سلا «٥» جزور بني فلان، فيأتي به فيضعه على ظهر محمد وهو ساجد؟ فذهب أشقى القوم عقبة بن أبي معيط، فجاء به ووضعه على ظهر رسول الله، وهم يتضاحكون، ويميل بعضهم على بعض، فلم يزل ساجدا حتى جاءت فاطمة، وهي فتاة صغيرة، فأخذته عن ظهره. ثم أقبلت عليهم فسبتهم ووبختهم، فدعا عليهم رسول الله قائلا: «اللهمّ عليك بهذا الملأ من قريش، اللهم عليك بعتبة بن ربيعة، اللهمّ عليك بشيبة بن ربيعة، اللهمّ عليك بأبي جهل بن هشام، اللهمّ عليك بعقبة بن أبي معيط، اللهمّ عليك بأمية بن خلف» ، وقد استجاب الله الدعاء فقتلوا جميعا يوم بدر.

وبينما النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع


(١) لنضربنه على ناصيته: كناية عن إذلاله وإهانته.
(٢) أي أهل ناديه.
(٣) الملائكة الموكلون بالعذاب.
(٤) الايات ٦- ١٩ من سورة اقرأ.
(٥) هو الذي يخرج منه ولد الناقة كالمشيمة لولد المرأة، ويكون به قذر ودماء.

<<  <  ج: ص:  >  >>