للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثوبه في عنقه، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر- رضي الله عنه- حتى أخذ بمنكب عقبة، ودفعه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال: «أتقتلون رجلا أن يقول: ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم» «١» .

وفي مرة ثالثة جاء عقبة هذا والنبي يصلي عند الكعبة، فوضع رجله على عنق رسول الله- عليه الصلاة والسلام- حتى كادت عيناه تندران «٢» .

[النضر بن الحارث]

وممن كان شديد العداوة والإيذاء للرسول: النضر بن الحارث، وكان شيطانا من شياطين قريش وسفهائهم، وكان قدم الحيرة وتعلّم بها أحاديث ملوك فارس، وأحاديث رستم، واسفنديار، فكان إذا جلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مجلسا فذكّر فيه بالله، وحذّر قومه أن يصيبهم ما أصاب من قبلهم من الأمم من نقمة الله وعذابه، خلفه في مجلسه إذا قام، ثم قال: أنا والله يا معشر قريش أحسن حديثا منه، فهلمّ إلي، فأنا أحدثكم أحسن من حديثه، ثم يحدثهم قصص ملوك فارس، وأخبارهم، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثا مني؟

عظمة شخصية النبي صلّى الله عليه وسلّم

قد سمعت بعض ما نال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قومه من إيذاء، وعداوة رؤسائهم له، ولا سيما رأس الكفر أبو جهل، وقد كان فيما عصم الله به نبيه، وما راه أبو جهل حينما همّ بفدخ رأس النبي بحجر ما زرع في قلبه الخوف من النبي، وقد كان له صلّى الله عليه وسلّم من الاكتمال الجسمي وعظمة الشخصية ما جعله مهيبا في نفوسهم على رغم عداوتهم له، وإليك ما يدل على ذلك:

[قصة الإراشي]

روى ابن إسحاق قال: قدم رجل من إراش «٣» بإبل له إلى مكة، فابتاعها


(١) صحيح البخاري باب ما لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه من المشركين بمكة.
(٢) أي تخرجان من شدة الضغط.
(٣) بكسر الهمزة والشين المعجمة: اسم قبيلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>