للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أي اشتراها- منه أبو جهل، فمطله بأثمانها، فأقبل الإراشي حتى وقف على نادي قريش، ورسول الله جالس في ناحية من المسجد، فقال يا معشر قريش، من رجل يعديني «١» على أبي الحكم بن هشام؟ فإني غريب وابن سبيل، وقد غلبني على حقي، فقال أهل المجلس: ترى هذا؟ - وأشاروا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما يعلمون ما بينه وبين أبي جهل من العداوة- اذهب إليه، فهو يعديك عليه، يريدون الاستهزاء به، فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فذكر ذلك له، فقام معه، فلما رأوه قام معه قالوا لرجل ممن معهم: اتبعه فانظر ما يصنع؟!

فخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى جاءه فضرب عليه بابه، فقال: من هذا؟

قال: «محمد، فاخرج» ، فخرج إليهم وما في وجهه قطرة دم، وقد انتقع لونه، فقال: «أعط هذا الرجل حقه» قال: لا تبرح حتى أعطيه الذي له، فدخل، فخرج إليه بحقه، فدفعه له، ثم انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال للإراشي: «الحق لشأنك» ، فأقبل الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس، فقال: جزاه الله خيرا، فقد أخذت الذي لي!!

ولما جاء الرجل الذي أرسلوه ليرى ما يصنع أبو جهل، قالوا له: ويحك ماذا رأيت؟ قال: عجبا من العجب! والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه فخرج وما معه روحه، فقال له: «أعط هذا الرجل حقه» فأعطاه!!

ثم لم يلبث أن جاء أبو جهل فلاموه، وقالوا- ساخرين منه-: فو الله ما رأينا مثل الذي فعلت!! فقال: ويحكم، ما هو إلا أن ضرب عليّ بابي، وسمعت صوتا فملئت رعبا! وإن فوق رأسه فحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته، ولا قصرته، ولا أنيابه لفحل قط!! فو الله لو أبيت لأكلني!! وهكذا كانت صورة هذا الفحل من الإبل لا تبرح مخيلة أبي جهل أبدا!!

[قصة أخرى]

ومرة أخرى اجتمع أشرافهم في الحجر، فذكروا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا:


(١) ينصرني ويأخذ لي بحقّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>