للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تواصيهم بعدم استماع القران]

وقد كان النبي حريصا على استماعهم لما يعلم من قوة تأثيره في نفوسهم كما سمعت انفا، وكان المشركون يتواصون بعدم الاستماع للقران كيلا يجذبهم بسحر بيانه، وقوه تأثيره، ويتواصون باللغو فيه، وذلك بالتشويش على النبي حين قراءته، والصخب عليه، وإلقاء الشبه والأباطيل في القران. قال عز شأنه:

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) «١» .

فكان إذا جهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالقران يتفرقون عنه، ويأبون أن يستمعوا له، وبعضهم يشغب عليه، وبعضهم يغطي نفسه بثوبه كيلا يسمع. قال عز شأنه:

أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) «٢» .

وكان بعضهم إذا أراد أن يستمع من رسول الله ما يتلو من القران استرق السمع فرقا منهم، فإذا رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهب خشية أذاهم فلم يستمع، ولذلك أمر الله نبيه ألايجهر بالقران، ولا يخافت به رعاية لهؤلاء النفر، قال ابن عباس: إنما أنزلت هذه الاية:

وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا (١١٠) «٣» .

من أجل ذلك النفر يعني: لا تجهر بصلاتك، فيتفرقوا عنك، ولا تخافت بها، فلا يسمعها من يحب أن يسمعها ممن يسترق ذلك دونهم، لعله يرعوي إلى


(١) الاية ٢٦ من سورة فصلت.
(٢) الاية ٥ من سورة هود.
(٣) الاية ١١٠ من سورة الإسراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>