للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال سبحانه:

وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) «١» .

ولهذا اقتضت الحكمة الإلهية والرحمة الربانية ألا يجابوا على ما سألوا، لأن سنته سبحانه أنه إذا طلب قوم ايات فأجيبوا، ثم لم يؤمنوا عذّبهم عذاب الاستئصال، كما فعل بعاد وثمود وقوم فرعون، قال عز شأنه:

وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً (٥٩) «٢» .

وقال سبحانه:

وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨) «٣» .

فلو أعطيت قريش ما سألوا من الايات الحسية التي اقترحوها ثم لم يؤمنوا لأهلكوا، ولكن الله- جلّت حكمته- رفع عن هذه الأمة عذاب الاستئصال بفضل نبيها محمد صلوات الله وسلامه عليه، فقد بعثه رحمة ولم يبعثه نقمة، وصدق الله:

وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ.

فهو رحمة للبر والفاجر: رحمة للبر في الدنيا والاخرة، وللفاجر في الدنيا، فقد أمنوا من الخسف والغرق، وإرسال حاصب من السماء، وأيضا فقد استفاد الناس جميعا بالرسالة المحمدية، فلولاها لما تحررت النفوس من رق التقليد، والشرك، والخرافات، ولا العقول من الجهل والضلال، ولا المجتمعات من


(١) الاية ٧ من سورة الأنعام.
(٢) الاية ٥٩ من سورة الإسراء.
(٣) الاية ٨ من سورة الأنعام.

<<  <  ج: ص:  >  >>