للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا لقيهم عانقهم، وقال: «أهلا بمن عاتبني الله فيهم» وكان إذا جلس معهم يدنو منهم حتى تمس ركبته ركبهم، فإذا أراد القيام قام عنهم وتركهم، فأنزل الله سبحانه قوله:

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (٢٨) «١» .

فترك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم القيام عنهم إلى أن يقوموا عنه، وقال: «الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع أقوام من أمتي، معكم المحيا، ومعكم الممات» .

[عتاب اخر بشأن ابن أم مكتوم]

وأتى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الله بن أم مكتوم «٢» ، وكان أعمى، وعند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صناديد قريش: عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، والوليد بن المغيرة يدعوهم إلى الإسلام، رجاء أن يسلم بإسلامهم كثيرون، فقال: يا رسول الله أقرئني، وعلمني مما علمك الله، وكرر ذلك، وهو لا يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله قطعه لكلامه، فلما أكثر عليه انصرف عنه عابسا وتركه، فأنزل الله تعالى:

عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨)


(١) الاية ٢٨ من سورة الكهف.
(٢) قال ابن هشام: ابن أم مكتوم: أحد بني عامر بن لؤي، واسمه عبد الله، وقيل: عمرو، وأم مكتوم: أمه، واسمها: عاتكة بنت عامر بن مخزوم، وأبوه: قيس بن زائدة على الأشهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>