للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ يَخْشى (٩) فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) «١» .

فكان رسول الله يكرمه ويقول له: «أهلا ومرحبا بمن عاتبني فيه ربي» ويقول له: «هل لك من حاجة؟» وقد استخلفه النبي على المدينة مرتين، وكانت وفاته بالقادسيّة، وقيل: عاد منها ثم توفي بالمدينة.

[حجة وبرهان على أن القران ليس من عند النبي]

وأحب من الذين يزعمون أن القران من عند النبي صلّى الله عليه وسلّم من المبشرين والمستشرقين ومن تابعهم أن يتأملوا في هذه القصة، والتي قبلها، ليروا أن هذا القران لا يمكن أن يكون من عند النبي، فما عهدنا أن بشرا مهما كان يؤاخذ نفسه في كتاب من عند نفسه هذه المؤاخذة، اللهم إلا إذا أنكرنا عقولنا، وأنكرنا الفطرة البشرية، والطبيعة الإنسانية، وهذه كتب الفلاسفة والمصلحين قديما وحديثا، ما وجدنا فيها شيئا من هذا، بل رأينا أن أي بشر مهما بلغ يحاول إخفاء ما يؤاخذ به ما استطاع، فهذه المعاتبات أو إن شئت فسمّها المؤاخذات الرفيعة من أقوى الأدلة على أن القران ليس من عند بشر، وإنما هو من عند خالق القوى والقدر، الذي لا يداهن، ولا يحابي، وقد فطن إلى هذا المعنى أحد السلف- رضي الله عنهم- فقال: «لو كان النبي صلّى الله عليه وسلّم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذا» » .

[سؤال المشركين النبي عن أهل الكهف، وذي القرنين، والروح، واستعانتهم باليهود]

وبعثت قريش اثنين من أشد الناس عداوة للرسول، وهما: النضر بن الحارث، بن كلدة، بن علقمة، بن عبد مناف، بن عبد الدار، بن قصي «٣» ،


(١) الايات ١- ١٦ من سورة عبس. والسفرة: جمع سافر، والمراد بهم الملائكة.
(٢) تفسير ابن جرير عند تفسير هذه السورة.
(٣) قال ابن هشام: ويقال: النضر بن الحارث، بن علقمة، بن كلدة، بن عبد مناف.

<<  <  ج: ص:  >  >>