للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قرأ صدرا منها حتى بلغ قوله تعالى:

إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (١٤) .

فقال: ما ينبغي لمن يقول هذا الكلام أن يعبد معه غيره، ما أحسن هذا الكلام وأكرمه!!

فلما سمع ذلك خباب خرج إليه فقال له: يا عمر- والله- إني لأرجو أن يكون الله خصّك بدعوة نبيه، فإني سمعته أمس وهو يقول: «اللهم أيّد الإسلام بأبي الحكم بن هشام، أو بعمر بن الخطاب» فالله الله يا عمر، فقال له:

فدلني يا خباب على محمد حتى اتيه فأسلم، فقال له خباب: هو في بيت عند الصفا معه فيه نفر من أصحابه، فأخذ عمر سيفه فتوشحه، ثم عمد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته قام رجل من أصحاب رسول الله فنظر من خلل «١» الباب، فراه متوشحا السيف، فرجع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو فزع، فقال: يا رسول الله، هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف، فقال حمزة بن عبد المطلب: فأذن له، فإن كان جاء يريد خيرا بذلناه له، وإن كان يريد شرا قتلناه بسيفه.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ائذن له» فأذن له الرجل، ونهض له رسول الله حتى لقيه، فأخذ بمجامع حجزته «٢» ، أو بمجمع ردائه، ثم جبذه «٣» به جبذة ارتعد منها عمر وجلس، وفي رواية: فما تمالك أن وقع على ركبتيه «٤» ، وقال له: «ما جاء بك يا ابن الخطاب» ؟ فو الله ما أرى أن تنتهي حتى ينزل الله بك قارعة» «٥» فقال عمر: يا رسول الله جئت لأؤمن بالله ورسوله، وبما جاء من عند


(١) شق الباب.
(٢) موضع شد الإزار.
(٣) جذبه.
(٤) هذا يدل على ما كان يمتاز به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من القوة البدنية، وعظمة الشخصية، فضلا عن القوة العقلية والنفسية.
(٥) داهية.

<<  <  ج: ص:  >  >>